والكبد أجمعوا أن كل واحد منهما يقبل قوه الحياة والحرارة الغريزية والروح من القلب وكل واحد منهما أيضا مبدأ قوه يعطيها غيره أما الدماغ فمبدأ الحس عند قوم مطلقا وعند قوم لا مطلقا وأما الكبد فمبدأ التغذية عند قوم مطلقا وعند قوم لا مطلقا وأما العضو القابل الغير المعطى فالشك في وجوده أبعد مثل اللحم القابل قوة الحس والحياة وليس هو مبدأ لقوة يعطيها غيره بوجه وأما القسمان الآخران فاختلف في أحدهما الأطباء مع الكثيرين من الحكماء فقال الكثير من القدماء ان هذا العضو هو القلب وهو الأصل لكل قوة وهو يعطى سائر الأعضاء كلها القوى التي تغذو والتي تحيى والتي تدرك وتحرك وأما الأطباء وقوم من أوائل الفلاسفة فقد فرقوا هذه القوى في الأعضاء ولم يقولوا بعضو معط غير قابل لقوة وقول الكثير عند التحقيق والتدقيق أصبح وقول الأطباء في بادئ النظر أظهر ثم اختلف في القسم الآخر الأطباء فيما بينهم والحكماء فيما بينهم فذهبت طائفة إلى أن العظام واللحم الغير الحساس وما أشبههما انما تبقى بقوى فيها تخصها لم تأتها من مباد أخر لكنها بتلك القوى إذا وصل إليها غذاؤها كفت أنفسها فلا هي تفيد شيئا آخر قوة فيها ولا أيضا يفيدها عضو قوة أخرى وذهبت طائفة إلى أن تلك القوى ليس تخصها لكنها فائضة إليها من الكبد أو القلب في أول الكون ثم استقرت فيه والطبيب ليس عليه أن يتتبع المخرج إلى الحق من هذين الاختلافين بالبرهان فليس له إليه سبيل من جهة ما هو طبيب ولا يضره في شئ من مباحثه واعماله ولكن يجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الأول انه لا عليه كان القلب مبدأ في الحس والحركة للدماغ وللقوة المغتذية للكبد أو لم يكن فان الدماغ اما بنفسه واما بعد القلب مبدأ للأفاعيل النفسانية بالقياس إلى سائر الأعضاء والكبد كذلك مبدأ للأفعال الطبيعية المغذية بالقياس إلى سائر الأعضاء ويجب أن يعلم ويعتقد في الاختلاف الثاني انه لا عليه كان حصول القوة الغريزية في مثل العظم عند أول الحصول من الكبد أو يستحقه بمزاجه نفسه أو لم يكن ولا واحد منهما ولكن الآن يجب أن يعتقد أن تلك القوة ليست فائضة إليه من الكبد بحيث لو انسد السبيل بينهما وكان عند العظم غذاء مغذ بطل فعله كما للحس والحركة إذا انسد العصب الجائي من الدماغ بل تلك القوة صارت غريزية للعظم ما بقى على مزاجه فحينئذ ينشرح له حال القسمة ويفترض له أعضاء رئيسة وأعضاء خادمة للرئيسة وأعضاء مرؤوسة بلا خدمة وأعضاء غير رئيسة ولا مرؤوسة فالأعضاء الرئيسة هي الأعضاء التي هي مباد للقوى الأولى في البدن المضطر إليها في بقاء الشخص أو النوع اما بحسب بقاء الشخص فالرئيسة ثلاثة القلب وهو مبدأ قوة الحياة والدماغ وهو مبدأ قوة الحس والحركة والكبد وهو مبدأ قوه التغذية واما بحسب بقاء النوع فالرئيسة هذه الثلاثة أيضا ورابع يخص النوع وهو الأنثيان اللذان يضطر إليهما لأمر وينتفع بهما لأمر أيضا اما الاضطرار فلأجل توليد المنى الحافظ للنسل واما الانتفاع فلأجل إفادة تمام الهيئة والمزاج الذكوري والأنوثي اللذين هما من العوارض اللازمة لأنواع الحيوان لامن الأشياء الداخلة في نفس الحيوانية وأما الأعضاء الخادمة فبعضها تخدم خدمة مهيئة وبعضها تخدم خدمه مؤدية والخدمة المهيئة تسمى منفعة والخدمة المؤدية تتسمى خدمة على الاطلاق والخدمة المهيئة تتقدم فعل الرئيس والخدمة المؤدية تتأخر عن فعل الرئيس أما
(٢١)