عصبة واحدة وقد يفترق تارة ذلك فيكون مبدأ لكل قوه عصبة (ونقول) أيضا ان جميع الأحشاء الملفوفة في الغشاء منبت غشائها من أحد غشاءي الصدر والبطن المستبطنين أما ما في الصدر كالحجاب والأوردة والشريانات والرئة فنبت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع واماما في الجوف من الأعضاء والعروق فنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل البطن وأيضا فان جميع الأعضاء اللحمية اما ليفية كاللحم في العضل واما ليس فيها ليف كالكبد ولا شئ من الحركات الا بالليف اما الإرادية فبسبب ليف العضل واما الطبيعية كحركة الرحم والعروق والمركبة كحركة الازدراد فبليف مخصوص بهيئة من وضع الطول والعرض والتوريب فللجذب المطاول وللدفع الليف الذاهب عرضا العاصر وللامساك الليف المورب وما كان من الأعضاء ذا طبقة واحدة مثل الأوردة فان أصناف ليفه الثلاثة منتسج بعضها في بعض وما كان ذا طبقتين فالليف الذاهب عرضا يكون في طبقته الخارجة والآخران في طبقته الداخلة الا ان الذاهب طولا أميل إلى سطحه الباطن وانما خلق كذلك لئلا يكون ليف الجذب والدفع مقابل ليف الجذب والامساك هما أولى بأن يكونا معا الا في الأمعاء فان حاجتها لم تكن إلى الامساك شديدة بل إلى الجذب والدفع (ونقول) أيضا ان الأعضاء العصبانية المحيطة بأجسام غريبة عن جوهرها منها ما هي ذات طبقة واحدة ومنها ما هي ذات طبقتين وانما خلق ما خلق منها ذا طبقتين لمنافع أحدها مس الحاجة إلى شدة الاحتياط في وثاقة جسميتها لئلا تنشق لسبب قوة حركاتها بما فيها كالشرايين والثاني مس الحاجة إلى شدة الاحتياط في امر الجسم المخزون فيها لئلا يتحلل أو يخرج اما استشعار التحلل فبسبب سخافتها ان كانت ذا طبقة واحدة واما استشعار الخروج فبسبب اجابتها إلى الانشقاق لذلك أيضا وهذا الجسم المخزون مثل الروح والدم المخزونين في الشريانين اللذين يجب ان يحتاط في صونهما ويخاف ضياعهما اما الروح فبالتحلل واما الدم فبالشق وفي ذلك خطر عظيم والثالث انه إذا كان عضو يحتاج ان يكون كل واحد من الدفع والجذب فيه بحركة قوية أفرد له آلة بلا اختلاط وذلك كالمعدة والأمعاء والرابع انه إذا أريد أن تكون كل طبقة من طبقات العضو لفعل يخصه وكان الفعلان يحدث أحدهما عن مزاج مخالف للآخر كان التفرق بينهما أصوب مثل المعدة فإنه أريد فيها ان يكون لها الحس وذلك انما يكون بعضو عصباني وأن يكون لها الهضم وذلك انما يكون بعضو لحماني فافرد لكل من الامرين طبقة طبقة عصبية للحس وطبقة لحمية للهضم وجعلت الطبقة الباطنة عصبية والخارجة لحمانية لان الهاضم يجوزان يصل إلى المهضوم بالقوة دون الملاقاة والحاس لا يجوز ان لا يلاقى المحسوس أعني في حس اللمس (وأقول) أيضا ان الأعضاء منها ما هي قريبة المزاج من الدم فلا يحتاج الدم في تغذيتها إلى أن يتصرف في استحالات كثيرة مثل اللحم فلذلك لم يجعل فيه تجاويف وبطون يقيم فيها الغذاء الواصل مدة لم يغتذ به اللحم ولكن الغذاء كما يلاقيه يستحيل إليه ومنها ما هي بعيدة المزاج عنه فيحتاج الدم في أن يستحيل إليه إلى أن يستحيل أولا استحالات متدرجة إلى مشاكلة جوهره كالعظم فلذلك جعل له في الخلقة اما تجويف واحد يحوي غذاءه مدة يستحيل في مثلها إلى مجانسته مثل عظم الساق والساعد أو تجويف متفرق فيه مثل عظم الفك الأسفل وما
(٢٣)