فاحتاجت إلى فضل صلابة فلم تحتج إلى فضل غلظ بل كان الغلظ مما يثقل عليها الحركة وأيضا المخرج الذي لها في عظم حجري صلب يحتمل ثقوبا عديدة واما الزوج السادس فإنه يثبت من مؤخر الدماغ متصلا بالخامس مشدودا معه بأغشية وأربطة كأنهما عصبة واحدة ثم يفارقها ويخرج من الثقب الذي في منتهى الدرز اللامي وقد انقسم قبل الخروج ثلاثة اجزاء ثلاثتها تخرج من ذلك الثقب معا فقسم منه يأخذ طريقة إلى عضل الحلق وأصل اللسان ليعاضد الزوج السابع على تحريكها والقسم الثاني ينحدر إلى عضل الكتف وما يقاربها ويتفرق أكثره في العضلة العريضة التي على الكتف وهذا القسم صالح المقدار وينفذ معلقا إلى أن يصل مقصده وأما القسم الثالث وهو أعظم الأقسام الثلاثة فإنه ينحدر إلى الأحشاء في مصعد العرق السباتي ويكون مشدودا إليه مربوطا به فإذا حاذى الحنجرة تفرعت منه شعب وأتت العضل الحنجرية التي رؤسها إلى فوق التي تشيل الحنجرة وغضاريفها فإذا جاوزت الحنجرة صعد منها شعب تأتي العضل المتنكسة التي رؤسها إلى أسفل وهي التي لابد منها في اطباق الطرجهاري وفتحه إذ لابد من جذب إلى أسفل ولهذا يسمى العصب الراجع وانما أنزل هذا من الدماغ لان النخاعية لو اصعدت لصعدت موربة غير مستقيمة من مبدئها فلم يتهيأ الجذب بها إلى أسفل على الاحكام وانما خلقت من السادس لان ما فيه من الأعصاب اللينة والمائلة إلى اللين ما كان منها قبل السادس فقد توزع في عضل الوجه والرأس وما فيهما والسابع لا ينزل على الاستقامة نزول السادس بل يلزمه تورب لا محالة ولما كان قد يحتاج الصاعد الراجع إلى مستند محكم شبيه بالبكرة ليدور عليه الصاعد متأيدا به وأن يكون مستقيما وضعه صلبا قويا أملس موضوعا بالقرب فلم يكن كالشريان العظيم والصاعد من هذه الشعب ذات اليسار يصادق هذا الشريان وهو مستقيم غليظ فينعطف عليه من غير حاجة إلى توثيق كثير وأما الصاعد ذات اليمين فليس يجاوره هذا الشريان على صفته الأولى بل يجاوره وقد عرضت له دقة لتشعب ما تشعب منه وفاتته الاستقامة في الوضع إذا تورب مائلا إلى الإبط فلم يكن بد من توثيقه بما يستند عليه بأربطة تشد الشعب به ليتدارك بذلك ما فات من الغلظ والاستقامة في الوضع والحكمة في تبعيد هذه الشعب الراجعة هي ان تقارب مثل هذا المتعلق وأن تستفيد بالتباعد عن المبدأ قوة وصلابة وأقوى العصب الراجع هو الذي يتفرق في الطبقتين من عضل الحنجرة مع شعب عصب معينة ثم سائر هذا العصب ينحدر فيتشعب منه شعب تتفرق في أغشية الحجاب والصدر وعضلاتها وفي القلب والرئة والأوردة والشرايين التي هناك وباقيه ينفذ في الحجاب فيشارك المنحدر من الجزء الثالث ويتفرقان في أغشية الأحشاء وتنتهي إلى العظم العريض واما الزوج السابع فمنشؤه من الحد المشترك بين الدماغ والنخاع ويذهب أكثره متفرقا في العضل المحركة للسان والعضل المشتركة بين الدرقي والعظم اللامي وسائره قد يتفق ان يتفرق في عضل أخرى مجاورة لهذه العضل ولكن ليس ذلك بدائم ولما كانت الأعصاب الأخرى منصرفة إلى واجبات أخرى ولم يكن يحسن ان تكثر الثقب فيما يتقدم ولا من تحت كان الأولى ان تأتي حركة اللسان عصب من هذا الموضع إذ قد اتى حسه من موضع آخر * (الفصل الثالث في تشريح عصب نخاع العنق ومسالكه) * العصب النابت من النخاع السالك من فقار الرقبة ثمانية أزواج زوج مخرجه من ثقبتي الفقرة
(٥٦)