إلى البعد فسكن وجع الموضع أولا لتقل مزاحمته بالجذب فان الوجع جذاب وإذا استعصى إلى حيث يجذبه فلا يعنف فربما حركه التعنيف ورققه ولم ينجذب فصار أسرع ميلا إلى الموضع الموجوع وربما كفاك أن يجذب وان لم يستفرغ فان الجذب نفسه يمنع توجهه إلى العضو وان لم يخرجه فيكون الجذب نفسه يبلغ الغرض وان لم تستفرغ معه بل اقتصرت على ميل الشد على الأعضاء المقابلة أو المحاجم أو الأدوية المحمرة وبالجملة بما يولدا يلاما ما وأسهل المواد استفراغا ما هو في العروق وأما في الأعضاء والمفاصل فإنها قد يصعب اخراجها واستفراغها ولا بد أن يخرج في استفراغها معها غيرها والمستفرغ يجب أن لا يبادر إلى تناول أغذية كثيرة ونيئة فتجذبها الطبيعة غير مهضومة فان وجب شئ من ذلك فيجب أن يكون قليلا قليلا شيئا بعد شئ حتى يكون بالتدريج ويكون الداخل في البدن مهضوما جيدا والفصد هو الاستفراغ الخاص للأخلاط الزائدة بالسوية وأما الاستفراغ الخاص بخلط يكثر وحده في كميته أو يفسد في كيفيته فهو غير الفصد وكل استفراغ أفرط فإنه يحدث حمى في الأكثر ومن أورثه انقطاع اسهال كان معتاده علة فمعاودة ذلك الاستفراغ يبرئها في الأكثر مثل من أورثه انقطاع وسخ أذنه أو مخاط أنفه سددا فان عودهما يذهب بها واعلم أن ابقاء بقية من المادة التي يحتاج إلى استفراغها أقل غائلة من الاستقصاء في الاستفراغ والبلوغ به إلى أن تخور القوة وكثيرا ما تحلل الطبيعة تلك البقية وما دام الخلط المستفرغ من الجنس الذي ينبغي والمريض يحتمله فلا تخف من الافراط وربما احتجت ان تستفرغ إلى الغشي ومن كانت قوته قوية ومادة أخلاطه الرديئة كثيرة فاستفرغها قليلا قليلا وكذلك إذا كانت المادة شديدة التلحج أو شديدة الاختلاط بالدم ولا يمكن أن تستفرغ دفعة واحدة كما يكون في عرق النسا وفي أوجاع المفاصل المزمنة وفي السرطان والجرب المزمن والدماميل المزمنة واعلم أن الاسهال يجذب من فوق ويقلع من تحت فهو موافق للجذبين المخالف والموافق وموافق أيضا بعد استقرار المواد فإذا كانت المواد من تحت جذبها إلى خلاف وقلعها أيضا من حيث هي والقئ يفعل الجذب والقلع بالعكس والفصد يختلف حاله بحسب المواضع التي منها يؤخذ الدم على ما علمت وأقل الناس حاجة إلى الاستفراغ من كان جيد الغذاء جيد الهضم وأصحاب البلدان الحارة قليلو الحاجة إلى الاستفراغ * (الفصل الرابع في قوانين مشتركة للقئ والاسهال والإشارة إلى كيفية جذب الدواء المسهل والمقيئ) * يجب لمن أراد أن يسهل أو يتقيأ أن يفرق طعامه فيتناول قدر المبلغ الذي يجترئ به في اليوم في مرار وان يجعل أطعمته مختلفة وأشربته مختلفة أيضا فان المعدة يعرض لها من هذه الحال ان تشتاق إلى دفع ما فيها إلى فوق أو إلى تحت فاما الطعام الغير المختلف المدخول به على طعام آخر فان المعدة تشح به وتضمن وتقبض عليه قبضا شديدا وخصوصا ان كان قليل المقدار وأما اللين الطبيعة فلا ينبغي أن يفعل من ذلك شيئا واعلم أن الحاجة إلى القئ والاسهال ونحوهما غير موافقة لمن كان حسن التدبير فان حسن التدبير يحتاج إلى ما هو أخف منهما وربما كفاه المهم فيه الرياضة والدلك والحمام ثم إن امتلأ بدنه فأكثر امتلاء مثله من أجود الأخلاط أعني
(١٩٤)