يجب أن يفرق غذاء الشيخ قليلا قليلا ويغذى في كرتين أو ثلاث بحسب الهضم وقوته وضعفه فيأكل في الساعة الثالثة الخبز الجيد الصنعة مع العسل وفي السابعة بعد الاستحمام ما يلين البطن مما نذكره ويتناول بعد ذلك بقرب الليل الطعام المحمود الغذاء فان كان قويا زيد في غذائه قليلا وليجتنبوا كل غذاء غليظ يولد السوداء والبلغم وكل حاد حريف يجفف مثل الكواميخ والتوابل الاعلى سبيل الدواء فان فعلوا من ذلك ما لا ينبغي لهم فتناولوا من الصنف الأول مثل المالح والباذنجان والمقدد ولحوم الصيد أو مثل السمك الصلب اللحم والبطيخ الرقي والقثاء أو فعلوا الخطأ الثاني فأكلوا الكواميخ والصحناة والبن عولجوا بتناول الضد بل انما يجب أن يستعمل فيهم الملطفات إذا علم أن فيهم فضولا فإذا نقوا غذوا بالمرطبات ثم يعاودون أحيانا بأشياء من الملطفات مع الغذاء على ما سنقول فيه وأما اللبن فينتفع به منهم من يستمرئه ولا يجد عقيبه تمددا في ناحية الكبد أو البطن ولا حكة ولا وجعا فان اللبن يغذو ويرطب وأوفقه لبن الماعز والأتن ولبن الأتن من خواصه انه لا يتجبن كثيرا وينحدر سريعا ولا سيما ان كان معه ملح وعسل ويجب أن يتعهد المرعى حتى لا يكون نباتا عفصا أو حريفا أو حامضا أو شديد الملوحة وأما البقول والفواكه التي تتناولها المشايخ فهي مثل السلق والكرفس وقليل من الكراث يتناولها مطيبة بالمرى والزيت وخصوصا قبل طعامهم ليعين على تليين الطبيعة وإذا استعملوا الثوم في الأوقات وكانوا معتادين له انتفعوا به والزنجبيل المربى من الأدوية الموافقة لهم وأكثر المربيات الحارة وليكن بقدر ما يسخن ويهضم لا بقدر ما يجفف البدن ويجب أن تكون أغذيتهم مرطبة انما ينفعل عن هذه من طريق الهضم والتسخين ولا ينفعل إلى التجفيف ومما يستعملونه لتلين طبائعهم ويوافق أبدانهم من الفواكه التين والإجاص في الصيف والتين اليابس المطبوخ بماء العسل ان كان الوقت شتاء وجميع هذا يجب أن يكون قبل الطعام لتليين طبائعهم وأيضا اللبلاب المطبوخ بالماء والملح مطيبا بالمري والزيت وأصل البسفايج إذا جعل شورباجة من الدجاج أو في مرقة السلق أو في مرقة الكرنب فان كانت طبيعتهم تستمر على لين يوما دون يوم فعن المسهل والمزلق غنى وان كانت تلين يوما وتحتبس يومين كفاهم مثل اللبلاب وماء الكرنب ولباب القرطم بكشك الشعير أو مقدار جوزة أو جوزتين من صمغ البطم وأكثره ثلاث جوزات فإنها تلين طبائعهم بخاصية فيه ويجلو الأحشاء بغير أذى وينفعهم أيضا الدواء المركب من لباب القرطم مع عشرة أمثاله تينا ياباس والشربة منه كالجوزة وتنفعهم الحقنة بالدهن فان فيها مع الاستفراغ تليين الأحشاء وخصوصا الزيت العذب ويجتنب فيهم الحقن الحارة فإنها تجفف أمعاءهم وأما الحقنة الرطبة الدهنية فإنها من أنفع الأشياء لهم إذا احتبست بطونهم أياما ولهم أدوية ملينة للطبيعة خاصة سنذكرها في القراباذين ويجب أن يكون الاستفراغ في الكهول والمشايخ بغير الفصد ما أمكن فان الاسهال المعتدل أوفق لهم * (الفصل الثالث في شراب المشايخ) * خير شرابهم العتيق الأحمر ليدر ويسخن معا وليجتنبوا الحديث والأبيض الا أن يكونوا استحموا بعد التناول من الغذاء وعطشوا فيسقون حينئذ شرابا أبيض رقيقا قليل الغذاء على أنه لهم بدل الماء وليجتنبوا الحلو المسدد من الأشربة
(١٧٨)