القلب فخادمه المهيئ هو مثل الرئة والمؤدي مثل الشرايين وأما الدماغ فخادمه المهيئ هو مثل الكبد وسائر أعضاء الغذاء وحفظ الروح والمؤدي هو مثل العصب وأما الكبد فخادمه المهيئ هو مثل المعدة والمؤدي هو مثل الأوردة وأما الأنثيان فخادمهما المهيئ مثل الأعضاء المولدة للمني قبلها وأما المؤدى ففي الرجال الإحليل وعروق بينهما وبينه وكذلك في النساء عروق يندفع فيها المنى إلى المحبل وللنساء زيادة الرحم التي تتم فيه منفعة المنى وقال جالينوس ان من الأعضاء ماله فعل فقط ومنها ماله منفعة فقط ومنها ماله فعل ومنفعة معا الأول كالقلب والثاني كالرئة والثالث كالكبد (وأقول) انه يجب أن نعنى بالفعل ما يتم بالشئ وحده من الافعال الداخلة في حياة الشخص أو بقاء النوع مثل ما للقلب في توليد الروح وأن نعنى بالمنفعة ما هي لقبول فعل عضو آخر حينئذ يصير الفعل تاما في إفادة حياة الشخص أو بقاء النوع كاعداد الرئة للهواء وأما الكبد فإنه يهضم أو لا هضمه الثاني ويعد للهضم الثالث والرابع فيما يهضم الهضم الأول تاما حتى يصلح ذلك الدم لتغذيته نفسه ويكون قد فعل فعلا وربما قد يفعل فعلا معينا لفعل منتظر يكون قد نفع (ونقول) أيضا من رأس ان من الأعضاء ما يتكون عن المنى وهي المتشابهة جزأ خلا اللحم والشحم ومنها ما يتكون عن الدم كالشحم واللحم فان ما خلاهما يتكون عن المنيين منى الذكر ومنى الأنثى الا انها على قول من تحقق من الحكماء يتكون عن منى الذكر كما يتكون الجبن عن الإنفحة ويتكون عن منى الأنثى كما يتكون الجبن من اللبن وكما أن مبدأ العقد في الإنفحة كذلك مبدأ عقد الصورة في منى الذكر وكما أن مبدأ الانعقاد في اللبن فكذلك مبدأ انعقاد الصورة أعني القوة المنفعلة هو في منى المرأة وكما أن كل واحد من الإنفحة واللبن جزء من جوهر الجبن الحادث عنها كذلك كل واحد من المنيين جزء من جوهر الجنين وهذا القول يخالف قليلا بل كثيرا قول جالينوس فإنه يرى في كل واحد من المنيين قوة عاقدة وقابلة للعقد ومع ذلك فلا يمتنع أن يقول إن العاقدة في الذكوري أقوى والمنعقدة في الأنوثي أقوى وأما تحقيق القول في هذا في كتبنا في العلوم الأصلية ثم إن الدم الذي كان ينفصل عن المرأة في الأقراء يصير غذاء فمنه ما يستحيل إلى مشابهة جوهر المنى والأعضاء الكائنة منه فيكون غذاء منميا له ومنه ما لا يصير غذاء لذلك ولكن يصلح لان ينعقد في حشوه ويملأ الأمكنة من الأعضاء الأولى فيكون لحما وشحما ومنه فضل لا يصلح لاحد الامرين فيبقى إلى وقت النفاس فتدفعه الطبيعة فضلا وإذا ولد الجنين فان الدم الذي يولده كبده يسد مسد ذلك الدم ويتولد عنه ما كان يتولد عن ذلك الدم واللحم يتولد عن متين الدم ويعقده الحر واليبس وأما الشحم فمن مائيته ودسمه ويعقده البرد ولذلك يحله الحر وما كان من الأعضاء متخلقا من المنيين فإنه إذا انفصل لم ينجبر بالاتصال الحقيقي الا بعضه في قليل من الأحوال وفي سن الصبا مثل العظام وشعب صغيرة من الأوردة دون الكبيرة ودون الشرايين وإذا انتقص منه جزء لم ينبت عوضه شئ وذلك كالعظم والعصب وما كان متخلقا من الدم فإنه ينبت بعد انثلامه ويتصل بمثله كاللحم وما كان متولدا عن دم فيه قوة المنى بعد فما دام العهد بالمنى قريبا فذلك العضو إذا فات أمكن ان ينبت مرة أخرى مثل السن في سن الصبا وأما إذا استولى على الدم مزاج آخر فإنه لا ينبت مرة أخرى (ونقول) أيضا ان الأعضاء الحساسة المتحركة قد تكون تارة مبدأ الحس والحركة لهما جميعا
(٢٢)