تقول ان من الأفاعيل المفردة ما يتم بقوة واحدة مثل الهضم ومنها ما يتم بقوتين مثل شهوة الطعام فإنها تتم بقوة جاذبة طبيعية وبقوة حساسة في فم المعدة أما الجاذبة فبتحريكها الليف المطاول متقاضية ما يجذبه وامتصاصها ما يحضر من الرطوبات واما الحاسة فباحساسها بهذا الانفعال وبلذع السوداء المنبهة للشهوة المذكورة قصبتها وانما كان هذا الفعل مما يتم بقوتين لان الحساسة إذا عرض لها آفة بطل المعنى الذي يسمى جوعا وشهوة فلم يشته الطعام وان كان للبدن إليه حاجة وكذلك الازدراد يتم بقوتين إحداهما الجاذبة الطبعية والأخرى الجاذبة الإرادية والأولى يتم فعلها بالليف المطاول الذي في فم المعدة والمرئ والثانية يتم فعلها بليف عضل الازدراد وإذا بطلت إحدى القوتين عسر الازدراد بل إذا لم تكن بطلت الا انها لم تنبعث بعد لفعها عسر الازدراد ألا ترى انه إذا كانت الشهوة لم تصدق عسر علينا ابتلاع ما لا تشتهيه بل إذا كنا نعاف شيئا ثم أردنا ابتلاعه فنفرت عنه القوة الجاذبة الشهوانية صعب على الإرادية ابتلاعه وعبور الغذاء أيضا يتم بقوة دافعة من العضو المنفصل عنه وجاذبة من العضو المتوجه إليه وكذلك اخراج الئفل من السبيلين وربما كان الفعل مبدؤه قوتان نفسانية وطبيعية وربما كان سببه قوة وكيفية مثل التبريد المانع للمواد فإنه يعاون الدافعة على مقاومة الخلط المنصب إلى العضو ومنعه ودفعه في وجهه والكيفية الباردة تمنع بشيئين بالذات أي بتغليظ جوهر ما ينصب وتضييق المسام وبشئ ثالث هو مما بالعرض وهو اطفاء الحرارة الجاذبة والكيفية الجاذبة تجذب بما يقابل هذه الوجوه المذكورة واضطرار الخلاء انما يجذب أولا ما لطف ثم ما كنف وأما القوة الجاذبة الطبيعية فإنما تجذب الأوفق أو الذي يخصها في طبيعتها جذبه وربما كان الأكنف هو الأوفق والأخص (الفن الثاني في ذكر الأمراض والأسباب والاعراض الكلية وهو تعاليم ثلاثة) (التعليم الأول في الأمراض وهو ثمانية فصول) * (الفصل الأول في تعليم السبب والمرض والعرض) * نقول ان السبب في الطب هو ما يكون أو لا فيجب عنه وجود حالة من حالات بدن الانسان أو ثباتها والمرض هيئة غير طبيعية في بدن الانسان يجب عنها بالذات آفة في الفعل وجوبا أوليا وذلك اما مزاج غير طبيعي واما تركيب غير طبيعي والعرض هو الشئ الذي يتبع هذه الهيئة وهو غير طبيعي سواء كان مضادا للطبيعي مثل الوجع في القولنج أو غير مضاد مثل افراد حمرة الخد في ذات الرئة مثال السبب العفونة مثال المرض الحمى مثال العرض العطش والصداع وأيضا مثال السبب امتلاء في الأوعية المنحدرة إلى العين مثال المرض السدة في العنبية وهو مرض إلى تركيبي مثال المرض فقدان الابصار وأيضا مثال السبب نزلة حادة مثال المرض قرحة في الرئة مثال العرض حمرة الوجنيين وانجذاب الأظفار والعرض يسمى عرضا باعتبار ذاته أو بقياسه إلى المعروض له ويسمى دليلا باعتبار مطالعة الطبيب إياه وسلوكه منه إلى معرفة ماهية المرض وقد يصير المرض سبب المرض آخر كالقولنج للغشى أو للفالج أو الصرع بل قد يصير العرض سببا للمرض كالوجع الشديد يصير سببا للورم لانصباب المواد إلى موضع الوجع وقد يصير العرض بنفسه مرضا كالصداع العارض عن الحمى فإنه ربما استقر واستحكم حتى يصير
(٧٣)