والكبد فان المر المطلق والحريف المطلق يضران بالاحشاء فان وافقها القبض نفعت فإنها بمرارتها تجلو وبما فيها من القبض تحفظ قوة الأحشاء وقد يكون في القابض المر بل في القابض الذي لا يظهر فيه كثير مرارة قوة تسهل الصفراء والمائية بالعصر ولا يكون فيه قوة مسهلة للبلغم اللزج خصوصا ان كان القبض أقوى من المرارة وهذا كالأفسنتين وكل حلو مع قبض فهو حبيب إلى الأحشاء أيضا لأنه لذيذ ومقو وينفع خشونة المرئ لأنه يشابه المعتدل وكل مجفف بعفوصته أو قبضه إذا كانت فيه دسومة أو تفه أو حلاوة وبالجملة ما يمنع اللذع فهو منبت للحم فان كان قبض مع حرافة أو مرارة وهو المركب من جوهر ناري وأرضى فهو يصلح للقروح التي فيها رطوبة رديئة ويصلح جدا للادمال وقد تتركب قوى هذه بحسب تركب قوى موادها وطعومها على القياس الذي اشترطناه قبل فهذه ما نقوله في الطعوم وما يلزم على أصولهم وأما الكلام المحقق في هذه الأمور فللعلم الطبيعي والطبيب يكفيه هذا القدر مأخوذا منهم * وأما الروائح فإنها تحدث عن حرارة وتحدث عن برودة ولكن مشمها ومسعطها هي الحرارة في أكثر الامر لان العلة الأكثرية في تقريب الروائح إلى القوة الشامة هو جوهر لطيف بخارى وان كان قد يجوز ان يكون على سبيل استحالة الهواء من غير تحلل شئ من ذي الرائحة الا أن الأول هو الأكثري فجميع الروائح التي يحس منها لذع أو تميل إلى جنبة الحلاوة فكلها حارة والتي تحس حامضة وكرجية ندوية فكلها باردة والطيب أكثره حار الا ما يصحبه تندية وتسكين من الروح والنفس كالكافور والنيلوفر فان أجسامها لا تخلو عن جوهر مبرد يصحب الرائحة إلى الدماغ وكل طيب حار وكذلك جميع الأفاويه وهي لذلك مصدعة * وأما الألوان فقد قلنا فيها وعرفنا انها تختلف في أكثر الامر وليست كالروائح لكنها تهدى في معنى واحد هداية أكثرية وهو أن النوع الواحد إذا اختلفت أصنافه وكان بعضه إلى البياض وبعضه إلى الصبغ الأحمر والأسود فان الضارب إلى البياض ان كان الطبع في النوع باردا هو أبرد والضارب إلى الآخرين أقل بردا وان كان الطبع إلى الحر فالامر بالعكس وقد يختلف هذا في أشياء لكن الأكثري هو الذي قلته فلنقل الآن في أفعال قوى الأدوية المفردة * (المقالة الرابعة في تعرف أفعال قوى الأدوية المفردة) * نقول ان للأدوية أفعالا كلية وأفعالا جزئية وأفعالا تشبه الكلية والافعال الكلية هي مثل التسخين والتبريد والجذب والدفع والادمال والتقريح واما أشبه هذه والافعال الجزئية مثل المنفعة في السرطان والمنفعة في البواسير والمنفعة في اليرقان وما أشبه ذلك والافعال التي تشبه الكلية فمثل الاسهال والادرار وما أشبه ذلك فهذه وان كانت جزئية لأنها أفعال في أعضاء مخصوصة وآلات مخصوصة فإنها تشبه الكلية لأنها أفعال في أمور يعم نفعها وضررها مع أنه ينفعل عنها البدن كله لا بالعرض ونحن انما نذكر ههنا أفعالها الكلية والشبيهة بالكلية فاما الافعال الكلية فمنها ما هي أوائل ومنها ما هي ثوان والأوائل هي الافعال الأربعة التي هي التبريد والتسخين والترطيب والتجفيف واما الثواني فمنها ما هي هذه الأفعال بعينها لكنها مقدرة أو مقايسة بحد زيادة أو نقصان مثل الاحراق ومثل العفونة ومثل الاجماد والبهوة
(٢٣١)