لا يحفظه ووجوده في الكائنات لتسلس الهيئات التي يراد في أجزائها التشكيل والتخطيط والتعديل فان الرطب وان كان سهل الترك للهيئات الشكلية فهو سهل القبول لها كما أن اليابس وان كان عسر القبول للهيئات الشكلية فهو عسر الترك لها ومهما تخمر اليابس بالرطب استفاد اليابس من الرطب قبولا للتمديد والتشكيل سهلا واستفاد الرطب من اليابس حفظا لما حدث فيه من التقويم والتعديل قويا واجتمع اليابس بالرطب عن تشتته واستمسك الرطب باليابس عن سيلانه وأما الهواء فإنه جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق الماء وتحت النار وهذا خفته الإضافية وطبعه حار رطب على قياس ما قلنا ووجوده في الكائنات لتتخلخل وتلطف وتخف وتستقل وأما النار فهو جرم بسيط موضعه الطبيعي فوق الأجرام العنصرية كلها ومكانه الطبيعي هو السطح المقعر من الفلك الذي ينتهى عنده الكون والفساد وذلك خفته المطلقة وطبعه حار يابس ووجوده في الكائنات لينضج ويلطف ويمتزج ويجرى فيها بتنفيذه الجوهر الهوائي وليكسر من محوضة برد العنصرين الثقليين الباردين فيرجعا عن العنصرية إلى المزاجية والثقيلان أعون في كون الأعضاء وفي سكونها والخفيفان أعون في كون الأرواح وفي تحركها وتحريك الأعضاء وان كان المحرك الأول هو النفس باذن باريها فهذه هي الأركان * (التعليم الثالث في الأمزجة وهو ثلاثة فصول) * * (الفصل الأول في المزاج) * أقول المزاج كيفية حاصلة من تفاعل الكيفيات المتضادات إذا وقفت على حد ما ووجودها في عناصر متصغرة الاجزاء ليماس أكثر كل واحد منها أكثر الآخر إذا تفاعلت بقواها بعضها في بعض حدث عن جملتها كيفية متشابهة في جميعها هي المزاج والقوى الأولية في الأركان المذكورة أربع هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وبين ان المزاجات في الأجسام الكائنة الفاسدة انما تكون عنها وذلك بحسب ما توجبه القسمة العقلية بالنظر المطلق غير مضاف إلى شئ على وجهين واحد الوجهين ان يكون المزاج معتدلا على أن تكون المقادير من الكيفيات المتضادة في الممتزج متساوية متقاومة ويكون المزاج كيفية متوسطة بينها بالتحقيق والوجه الثاني ان لا يكون المزاج بين الكيفيات المتضادة وسطا مطلقا ولكن يكون أميل إلى أحد الطرفين اما في إحدى المتضادتين اللتين بين البرودة الحرارة والرطوبة واليبوسة واما في كليهما لكن المعتبر في صناعة الطب بالاعتدال والخروج عن الاعتدال ليس هذا ولا ذلك بل يجب ان يتسلم الطبيب من الطبيعي ان المعتدل على هذا المعنى مما لا يجوز أن يوجد أصلا فضلا عن أن يكون مزاج انسان أو عضو انسان وان يعلم أن المعتدل الذي يستعمله الأطباء في مباحثهم هو مشتق لا من التعادل الذي هو التوازن بالسوية بل من العدل في القسمة وهو ان يكون قد توفر فيه على الممتزج بدنا كان بتمامه أو عضوا من العناصر بكمياتها وكيفياتها القسط الذي ينبغي له في المزاج الانساني على أعدل قسمة ونسبة لكنه قد يعرض أن تكون هذه القسمة التي تتوفر على الانسان قريبة جدا من المعتدل الحقيقي الأول وهذا الاعتدال المعتبر بحسب أبدان الناس أيضا الذي هو بالقياس إلى غيره مما ليس له ذلك
(٦)