القوة تتحرك بغتة إلى دفع ما عرض طبعا وتحدث حركات مختلفة فيرتعش النبض لكنه لا يبقى على ذلك زمانا طويلا بل يسرع إلى الاعتدال لان سببه وان كان كالقوى فثباته قليل والشعور ببطلانه سريع * (الفصل الثالث عشر في أحكام نبض الرياضة) * أما في ابتداء الرياضة وما دامت معتدلة فان النبض يعظم ويقوى وذلك التزايد الحار الغريزي وتقويه وأيضا يسرع ويتواتر جدا لافراط الحاجة التي أوجبتها الحركة فان دامت وطالت أو كانت شديدة وان قصرت جدا بطل ما توجبه القوة فضعف النبض وصغر لانحلال الحار الغريزي لكنه يسرع ويتواتر لامرين أحدهما استبداد الحاجة والثاني قصور القوة عن أن تفي بالتعظيم ثم لا تزال السرعة تتنقص والتواتر يزيد على مقدار ما يضعف من القوة ثم آخر الامر ان دامت الرياضة وأنهكت عاد النبض نمليا للضعف ولشدة التواتر فان أفرطت وكادت تقارب العطب فعلت جميع ما تفعله الانحلالات فتصير النبض إلى الدودية ثم تميله إلى التفاوت والبطء مع الضعف والصغر * (الفصل الرابع عشر في أحكام نبض المستحمين) * الاستحمام اما ان يكون بالماء الحار واما ان يكون بالماء البارد والكائن بالماء الحار فإنه في أوله يوجب احكام القوة والحاجة فإذا حلل بافراط أضعف النبض قال جالينوس فيكون حينئذ صغيرا بطيئا متفاوتا فنقول أما التضعيف وتصغير النبض فما يكون لا محالة لكن الماء الحار إذا فعل في باطن البدن تسخينا لحرارته العرضية فربما لم يلبث بل يغلب عليه مقتضى طبعه وهو التبريد وربما لبث وتشبث فان غلب حكم الكيفية العرضية صار النبض سريعا متواترا وان غلب بمقتضى الطبيعة صار بطيئا متفاوتا فإذا بلغ التسخين العرضي منه فرط تحليل من القوة حتى تقارب الغشي صار النبض أيضا بطيئا متفاوتا واما الاستحمام الكائن بالماء البارد فان غاص برده ضعف النبض وصغره وأحدث تفاوتا وابطاء وان لم يغص بل جمع الحرارة زادت القوة فعظم يسيرا ونقصت السرعة والتواتر وأما المياه التي تكون في الحمامات فالمجففات منها تزيد النبض صلابة وتنقص من عظمه والمسخنات تزيد النبض سرعة الا ان تحلل القوة فيكون ما فرغنا من ذكره * (الفصل الخامس عشر في النبض الخاص بالنساء وهو نبض الحبالى) * اما الحاجة فيهن فتشتد بسبب مشاركة الولد في النسيم المستنشق فكأن الحبلى تستنشق لحاجتين ولنفسين فاما القوة فلا تزداد لا محالة ولا تنتقص أيضا كبير انتقاص الا بمقدار ما يوجبه يسير اعياء لحمل الثقل فلذلك تغلب أحكام القوة المتوسطة والحاجة الشديدة فيعظم النبض ويسرع ويتواتر * (الفصل السادس عشر في نبض الأوجاع) * الوجع بغير النبض اما لشدته واما لكونه في عضو رئيس واما لطول مدته والوجع إذا كان في أوله هيج القوة وحركها إلى المقاومة والدفاع وألهب الحرارة فيكون النبض عظيما سريعا وأشد تفاوتا لان الوطر يفضى بالعظم والسرعة فإذا بلغ الوجع النكاية في القوة لما ذكرنا من
(١٣٣)