نازلا مثل أصحاب زلق الأمعاء فتقيؤه محال وشر الأدوية المسهلة ما هو مركب من أدوية شديدة الاختلاف في زمن الاسهال فيضطرب الاسهال ويسهل الأول الثاني قبل أن يسهل الثاني وربما أسهل الأول نفس الثاني ومن تعرض للاسهال والقئ وبدنه نقى لم يكن له بد من دوار ومغص وكرب يلحقه ويكون ما يستفرغ يستفرغ بصعوبة جدا وبالجملة الدواء ما دام يستفرغ الفضول فإنه لا يكون معه اضطراب فإذا أخذ يضطرب فإنما يستفرغ غير الفضل وإذا تغير الخلط المستفرغ بقئ أو اسهال إلى خلط آخر دل على نقاء البدن من الخلط المراد استفراغه وإذا تغير إلى خراطة وشئ أسود منتن فهو ردئ والنوم إذا اشتد عقيب الاسهال والقئ دل على أن الاستفراغ والقئ نقى البدن تنقية بالغة ونفع واعلم أن العطش إذا اشتد في الاسهال والقئ دل على مبالغة وبلوغ غاية وجودة تنقية واعلم أن الدواء المسهل يسهل ما يسهله بقوة جاذبة تجذب ذلك الخلط نفسه فربما جذب الغليظ وخلى الرقيق كما يفعل المسهل للسوداء وليس قول من يقول إنه يولد ما يجذبه أوانه يجذب الأرق أو لا بشئ وجالينوس مع رأيه هذا يطلق القول بأن المسهل الذي لا سمية فيه إذا لم يسهل واستمر ولد الخلط الذي يجذبه وليس هذا القول بسديد ويظهر من حيث يحققه جالينوس انه يرى أن بين الجاذب الدوائي والمجذوب الخلطي مشاكلة في الجوهر ولذلك يجذب وهذا غير صحيح ولو كان الجذب بالمشاكلة لوجب أن يجذب الحديد الحديد إذا غلبه والذهب يجذب الذهب إذا غلبه بمقداره لكن الاستقصاء في هذا إلى غير الطبيب واعلم أن الجاذب للأخلاط في شرب المسهل والمقيئ انما هو في الطريق التي اندفعت فيها حتى تحصل في الأمعاء وهناك تتحرك الطبيعة إلى دفعها إلى خارج وقلما يتفق عن الشرب لها ان تصعد إلى المعدة فان صعدت مالت إلى القئ وانما لا تصعد إلى المعدة لشيئين أحدهما ان الدواء المسهل سريع النفوذ إلى الأمعاء والثاني ان الطبيعة عند شرب المسهل تستعجل عن دفعها في أوردة الماسايقا إلى تحت وإلى أسفل لا إلى فوق فان ذلك أقرب وأسهل ولأن ما خلفها يزحمها أيضا وذلك مما يحرك الطبيعة إلى الدفع من أقرب الطرق ولو كان للدواء قوة جاذبة تلزم الخلط لكانت قوة الطبيعة الدافعة أولى ان تغلب في الصحيح القوى على أن الدواء انما يجذبه إلى طريق معين لكن حال الدواء المقيئ بخلاف هذا فإنه ان كان في المعدة وقف فيها وجذب الخلط إلى نفسه من الأمعاء وقيأ بقوته ومقاومة الطبيعة ويجب أن تعلم أن أكثر انجذاب الأخلاط بجذب الأدوية انما هو من العروق الا ما كان شديد المجاورة فيجذب منه في العروق وغير العروق مثل الأخلاط التي في الرئة فإنها تنجذب من طريق المجاورة إلى المعدة والأمعاء وان لم تسلك العروق واعلم أنه كثيرا ما يكون النشف من الأدوية اليابسة سببا لاستفراغ رطوبات من البدن كما في الاستفراغ * (الفصل الخامس الكلام في الاسهال وقوانينه) * قد سلف منا الكلام في وجوب اعداد البدن قبل الدواء المسهل لقبول المسهل وتوسيع المسام وتليين الطبيعة وخصوصا في العلل الباردة وبالجملة لين الطبيعة قبل الاسهال قانون جيد فيه أمان الا فيمن هو شديد الاستعداد للذرب لان هذا لا يجب أن يفعل به شئ من هذا فإنه يكون سببا لافراط يقع به ومثل هذا يجب أن يخلط بمسهله ماله قوة مقيئة لئلا يستعجل في النزول عن
(١٩٦)