الواحد أدق كثيرا من الأصل وعند ما يتباعد عن مبدئه ومنبته لكان في ذلك فساد ظاهر فدبر الخالق تعالى بحكمته أن أفاده غلظا بتنقيش الجرم الملتئم منه ومن الرباط ليفا وملا خلله لحما وتغشيته غشاء وتوسيطه عمودا كالمحور من جوهر العصب يكون جملة ذلك عضوا مؤلفا من العصب والعقب وليفهما واللحم الحاشي الغشاء المجلل وهذا العضو هو العضلة وهي التي إذا تقلصت جذبت الوتر الملتئم من الرباط والعصب النافذ منها إلى جانب العضو فتشنج فجذب العضو وإذا انبسطت استرخى الوتر فتباعد العضو * (الفصل الثاني في تشريح عضل الوجه) * من المعلوم ان عضل الوجه هي على عدد الأعضاء المتحركة في الوجه والأعضاء المتحركة في الوجه هي الجبهة والمقلتان والجفنان العاليان والخد بشركة من الشفتين والشفتان وحدهما وطرفا الأرنبتين والفك الأسفل * (الفصل الثالث في تشريح عضل الجبهة) * اما الجبهة فتتحرك بعضلة دقيقة مستعرضة غشائية تنبسط تحت جلد الجبهة وتختلط به جدا حتى يكاد أن يكون جزأ من قوام الجلد فيمتنع كشطه عنها وتلاقى العضو المتحرك عنها بلا وتر إذ كان المتحرك عنها جلدا عريضا خفيفا ولا يحسن تحريك مثله بالوتر وبحركة هذه العضلة يرتفع الحاجبان وقد تعين العين في التغميض باسترخائها * (الفصل الرابع في تشريح عضل المقلة) * وأما العضل المحركة للمقلة فهي عضل ست أربع منها في جوانبها الأربع فوق وأسفل والمأقيين كل واحد منهما يحرك العين إلى جهته وعضلتان إلى التوريب ما هما يحركان إلى الاستدارة ورواء المقلة عضلة تدغم العصبة المجوفة التي يذكر شأنها بعد لتشبثها بها وما معها فيثقلها ويمنعها الاسترخاء المجحظ ويضبطها عند التحديق وهذه العضلة قد عرض لأغشيتها الرباطية من التشعب ما شكك في أمرها فهي عند بعض المشرحين عضلة واحدة وعند بعضهم عضلتان وعند بعضهم ثلاث وعلى كل حال فرأسها رأس واحد.
* (الفصل الخامس في تشريح عضل الجفن) * وأما الجفن فلما كان الأسفل منه غير محتاج إلى الحركة إذ الغرض يتأتى ويتم بحركة الاعلى وحده فيكمل به التغميض والتحديق وعناية الله تعالى مصروفة إلى تقليل الآلات ما أمكن إذا لم يخل أن في التكثير من الآفات ما يعرف وانه وان كان قد يمكن أن يكون الجفن الاعلى ساكنا والأسفل متحركا لكن عناية الصانع مصروفة إلى تقريب الافعال من مباديها وإلى توجيه الأسباب إلى غاياتها على أعدل طريق وأقوم منهاج والجفن الاعلى أقرب إلى منبت الأعصاب والعصب إذا سلك إليه لم يحتج إلى انعطاف وانقلاب ولما كان الجفن الاعلى يحتاج إلى حركتي الارتفاع عند فتح الطرف والانحدار عند التغميض وكان التغميض يحتاج إلى عضله جاذبة إلى أسفل لم يكن بد من أن يأتيها العصب منحرفا إلى أسفل ومرتفعا إلى فوق فكان حينئذ لا يخلو ان كانت واحدة من أن تتصل اما بطرف الجفن واما بوسط الجفن ولو اتصلت بوسط الجفن لغطت الحدقة صاعدة إليه ولو اتصلت بالطرف لم تتصل إلا بطرف واحد فلم يحسن