الأرض وفي الشتاء يكون باطن الأرض حارا شديد الحرارة كما قد تبين في العلوم الطبيعية الأصلية وتكون حرارة الجو قليلة فيجتمع اذن السببان للترطيب وهو التصعيد ثم التغليظ ولا سيما والبرد أيضا يوجب في جوهر الهواء نفسه تكاثفا واستحالة إلى البخارية واما في الربيع فان الهواء يكون تحليله أقوى من تبخيره والحرارة الباطنة الكامنة تنفص جدا ويظهر منها ما يميل إلى بارز الأرض دفعه شئ هو أقوى من المبخر أو شئ هو لطيف التبخير لشدة استيلائه على المادة فيلطفها ويصادف تبخيره اللطيف زيادة حر في الجو فيتم به التحليل هذا بحسب الأكثر وبحسب انفراد هذه الأسباب دون أسباب أخرى توجب أشياء غير ما ذكرناه ثم لا تكون هناك مادة كثيرة تلحق ما يصعد ويلطف فلهذا يجب ان يكون طباع الربيع إلى الاعتدال في الرطوبة واليبس كما هو معتدل في الحراة والبرودة على انا لا نمنع ان تكون أوائل الربيع إلى الرطوبة ما هي الا ان بعد ذلك عن الاعتدال ليس كبعد مزاج الخريف من اليبوسة عن الاعتدال ثم إن الخريف من لم يحكم عليه بشدة الاعتدال في الحر والبرد لم يبعد عن الصواب فان ظهائره صيفية لان الهواء الخريفي شديد اليبس مستعد جدا لقبول التسخين والاستحالة إلى مشاكلة النارية بتهيئة الصيف أياما لذلك ولياليه وغدواته باردة لبعد الشمس في الخريف عن سمت الرؤس ولشدة قبول اللطيف المتخلخل لتأثير ما يبرد واما الربيع فهو أقرب إلى الاعتدال في الكيفيتين لان جوه لا يقبل من السبب المشاكل للسبب في الخريف ما يقبله جو الخريف من التسخين والتبريد فلا يبعد ليله كثيرا عن نهاره فان قال قائل ما بال الخريف يكون ليله أبرد من ليل الربيع وكان يجب ان يكون هواؤه أسخن لأنه الطف فنجيبه ونقول ان الهواء الشديد التخلخل يقبل الحر والبرد أسرع وكذلك الماء الشديد التخلخل ولهذا إذا أسخنت الماء وعرضته للاجماد كان أسرع جمودا من البارد لنفوذ التبريد فيه لتخلخله على أن الأبدان لا تحس من برد الربيع ما تحس من برد الخريف لان الأبدان في الربيع منتقلة من البرد إلى الحر متعودة للبرد وفي الخريف بالضد وعلى ان الخريف متوجه إلى الشتاء والربيع مسافر عنه واعلم أن اختلاف الفصول قد يثير في كل إقليم ضربا من الأمراض ويجب على الطبيب ان يتعرف ذلك في كل إقليم حتى يكون الاحتراز والتقدم بالتدبير مبنيا عليه وقد يشبه اليوم الواحد أيضا بعض الفصول دون بعض فمن الأيام ما هو شتوي ومنها ما هو صيفي ومنها ما هو خريفي يسخن ويبرد في يوم واحد * (الفصل الرابع في أحكام الفصول وتعاييرها) * كل فصل يوافق من به مزاج صحي مناسب له ويخالف من به سوء مزاج غير مناسب له الا إذا عرض خروج عن الاعتدال جدا فيخالف المناسب وغير المناسب بما يضعف من القوة وأيضا فان كل فصل يوافق المزاج العرضي المضاد له وإذا خرج فصلان عن طبعهما وكان مع ذلك خروجهما متضادا ثم لم يقع افراط متماد مثل ان يكون الشتاء كان جنوبيا فورد عليه ربيع شمالي كان لحوق الثاني بالأول موافقا للأبدان معتدلا لها فان الربيع يتدارك جناية الشتاء وكذلك ان كان الشتاء يابسا جدا والربيع رطبا جدا فان الربيع يعدل بيبس الشتاء وما لم تفرط الرطوبة ولم يطل الزمان لم يتغير فعله عن الاعتدال إلى الترطيب الضار. تغير الزمان في فصل واحد
(٨٣)