والحرارة الأصلية بل الأبدان مختلفة في ذلك ولكل بدن حد في مقاومة الجفاف الواجب يقتضيه مزاجه وحرارته الغريزية ومقدار رطوبته الغريزية لا يتعداه ولكن قد يسبقه بوقوع أسباب معينة على التجفيف أو مهلكة بوجه آخر وكثير من الناس يقول إن الآجال الطبيعية هي هذه وان الآجال العرضية هي الأخرى وكان صناعة حفظ الصحة هي المبلغة بدن الانسان هذا السن الذي يسمى أجلا طبيعيا على حفظ الملائمات وقد وكل بهذا الحفظ قوتان يخدمهما الطبيب إحداهما طبيعية وهي الغاذية فتخلف بدل ما يتحلل من البدن الذي جوهره إلى الأرضية والمائية والثانية حيوانية وهي القوة النابضة لتخلف بدل ما يتحلل من الروح الذي جوهره هوائي ناري ولما لم يكن الغذاء شبيها بالمغتذي بالفعل خلقت القوة المغيرة لتغير الأغذية إلى مشابهة المغتذيات بل إلى كونها غذاء بالفعل وبالحقيقة وخلق لذلك آلات ومجار هي للجذب والدفع والامساك والهضم فقول ان ملاك الامر في صناعة حفظ الصحة هو تعديل الأسباب العامة اللازمة المذكورة وأكثر العناية بها هو في تعديل أمور سبعة تعديل المزاج واختيار ما يتناول وتنقية الفضول وحفظ التركيب واصلاح المستنشق واصلاح الملبوس وتعديل الحركات البدنية والنفسانية ويدخل فيها بوجه ما النوم واليقظة وأنت تعرف مما سلف بيانه انه لا الاعتدال حد واحد ولا الصحة ولا أيضا كل واحد من المزاج داخل في أن يكون صحة ما أو اعتدالا ما في وقت ما بل الامر بين الامرين فلنبدأ أولا بتدبير المولود المعتدل المزاج في الغاية * (التعليم الأول في التربية وهو أربعة فصول) * * (الفصل الأول في تدبير المولود كما يولد إلى أن ينهض) * اما تدبير الحوامل واللواتي يقاربن الولادة فسنكتبه في الأقاويل الجزئية وأما المولود المعتدل المزاج إذا ولد فقد قال جماعة من الفضلاء انه يجب ان يبدأ أول شئ بقطع سرته فوق أربع أصابع وتربط بصوف نقى فتل فتلا لطيفا كي لا يؤلم وتوضع عليه خرقة مغموسة في الزيت ومما أمر به في قطع السرة ان يؤخذ العروق الصفر ودم الأخوين والأنزروت والكمون والأشنة والمر أجزاء سواء تسحق وتذر على سرته ويبادر إلى تمليح بدنه بماء الملح الرقيق لتصلب بشرته وتقوى جلدته وأصلح الأملاح ما خالطه شئ من شادنج وقسط وسماق وحلبة وصعتر ولا يملح أنفه ولا فمه والسبب في ايثارنا تصليب بدنه انه في أول الامر يتأذى من كل ملاق يستخشنه ويستبرده وذلك لرقة بشرته وحرارته فكل شئ عنده بارد وصلب وخشن وان احتجنا ان نكرر تمليحه وذلك إذا كان كثير الوسخ والرطوبة فعلنا ثم نغسله بماء فاتر وننقي منخريه دائما بأصابع مقلمة الأظفار ونقطر في عينيه شيئا من الزيت ويدغدغ دبره بالخنصر لينفتح ويتوقى ان يصيبه برد وإذا سقطت سرته وذلك بعد ثلاثة أيام أو أربعة فالأصوب ان يذر عليه رماد الصدف أو رماد عرقوب العجل أو الرصاص المحرق مسحوقا أيها كان بالشراب وإذا أردنا ان نقمطه فيجب ان تبدأ القابلة وتمس أعضاء بالرفق فتعرض ما يستعرض وتدق ما يستدق وتشكل كل عضو على أحسن شكله كل ذلك بغمز لطيف بأطراف الأصابع ويتوالى في ذلك معاودات متوالية وتديم مسح عينيه بشئ كالحرير وغمزه مثانته ليسهل انفصال البول عنها ثم نفرش يديه وتلصق
(١٥٠)