اتخذ منها كبب مع لزوجات وشحوم مذابة قوية ولوز ودهن لوز والشحوم مثل شحوم البقر فإذا تناول منها واحدة صبر على الجوع زمانا له قدر وقبل لوان انسانا شرب قدر رطل من دهن البنفسج وقد أذاب فيه شيئا من الشمع حتى صار قيروطيا لم يشته الطعام عشرة أيام وكذلك ربما احتاجوا إلى أن يتهيأ لهم الصبر على العطش فيجب أن يكون معهم الأدوية المسكنة للعطش التي بيناها في الكتاب الثالث في باب العطش وخصوصا بزر البقلة الحمقاء يشرب منه ثلاثة دراهم بالخل ويهجر الأغذية المعطشة مثل السمك والكبر والمملحات والحلاوات ويقل الكلام ويرفق باليسير وإذا شرب الماء بالخل كان القليل منه كافيا في تسكين العطش حيث لا يوجد ماء كثير وكذلك شرب لعاب بزر القطونا * (الفصل الثالث في توقى الحر وخصوصا في السفر وتدبير من يسافر فيه) * إذا لم يدبروا أنفسهم تأدى بهم الامر في آخره إلى أن يضعفوا وتتحلل قواهم حتى لا يمكنهم أن يتحركوا ويغلب عليهم العطش وربما أضرت الشمس بأدمغتهم فلذلك يجب أن يحرصوا على ستر الرأس عن الشمس سترا شديدا وكذلك يجب أن يحفظ المسافر منها صدره ويطلبه بمثل لعاب بزر قطونا وعصارة البقلة الحمقاء والمسافرون في الحر ربما احتاجوا إلى شئ يتناولونه قبل السير مثل سويق الشعير وشراب الفواكه وغير ذلك فإنهم إذا ركبوا ولا شئ في أحشائهم بالغ التحليل في أضعافهم وإذ لا يكون لهم فيه بدل فيجب أن يتناولوا مما ذكرنا شيئا ثم يلبثوا حتى ينحدر عن المعدة ولا يتخضخض ويجب أن يصحبهم في الطريق دهن الورد والبنفسج يستعملون منهما ساعة بعد ساعة على هامهم وكثير ممن تصيبه آفة من السفر في الحر يعود إلى حاله بسباحة في ماء بارد ولكن الأصوب أن لا يستعجل بل يصبر يسيرا ثم بتدرج إليه ومن خاف السموم فالواجب عليه أن يصعب منخره وفمه بعمامة ولثام ويصبر على المشقة فيه وليقدم قبله أكل البصل في الدوغ وخصوصا إذا كان البصل مربى فيه أو منقوعا فيه ليلة يأكل البصل ويتحسى الدوغ ويجب أن يكون البصل قبل الالقاء في الدوغ بصلا قوى التقطيع وليكن التنشق بدهن الورد ودهن حب القرع ويتحسى دهن القرع فإنه مما يدفع مضرة السموم المتوقعة وإذا ضربه السموم سكب على أطرافه ماء بارد أو غسل به وجهه ويجعل غذاءه من البقول الباردة ويضع على رأسه الادهان الباردة مثل دهن الورد والعصارات الباردة مثل عصاره حي العالم ودهن الخلاف ثم يغتسل وليحذر الجماع والسمك المالح ينفعه إذا سكن ما به والشراب الممزوج أيضا ينفعه واللبن من أجود الغذاء له ان لم يكن به حمى فان كان به حمى ليست من الحميات العفنة بل اليومية استعمل الدوغ الحامض وإذا عطش على النوم تجزى بالمضمضة ولم يشرب ريه فإنه حينئذ يموت على المكان بل يجب أن يتجزى بالمضمضة وان لم يجد بدا من أن يشرب يشرب جرعة بعد جرعة فإذا سكن ما به وسكن الهائج من عطشه شرب وان بدأ أولا قبل شربه فشرب دهن ورود وماء ممزوجين ثم شرب الماء كان أصوب وبالجملة فان مضروب الحر يجب أن يجعل مجلسه موضعا باردا ويغسل رجله بالماء البارد وان كان عطشان شرب البارد قليلا قليلا ويغتذي بشئ سريع الانهضام * (الفصل الرابع في تدبير من يسافر في البرد) *
(١٨٤)