وحلل الرياح ونفع من بقايا أمراض الرأس مثل الغفلة والنسيان وحرك الشهوات ونبه الغريزة وإذا ربح على السرير كان أوفق لمن به مثل شطر الغب والحميات المركبة والبلغمية ولصاحب الحبن وصاحب أوجاع النقرس وأمراض الكلى فان هذا الترجيح يهيئ المواد إلى الانقلاع واللين لما هو ألين والقوى لما هو أقوى وأما ركوب العجل فقد يفعل هذه الأفعال لكنه أشد إثارة من هذا وقد يركب العجل والوجه إلى خلف فينفع ذلك من ضعف البصر وظلمته نفعا شديدا وأما ركوب الزواريق والسفن فينفع من الجذام والاستسقاء والسكتة وبرد المعدة ونفختها وذلك إذا كان بقرب الشطوط وإذا هاج منه غثيان ثم سكن كان نافعا للمعدة وأما الركوب في السفن مع التلجيج في البحر فذلك أقوى في قلع الأمراض المذكورة لما يختلف على النفس من فرح وحزن واما أعضاء الغذاء فرياضتها تابعة لرياضة سائر البدن والبصر يراض بتأمل الأشياء الدقيقة والتدرج أحيانا في النظر إلى المشرفات برفق والسمع يراض بتسمع الأصوات الخفية وفي الندرة بسماع الأصوات العظيمة ولكل عضو رياضة خاصة به ونحن نذكر ذلك في حفظ صحة عضو عضو وذلك إذا اشتغلنا بالكتاب الجزئي وينبغي أن يحذر المرتاض وصول حمية الرياضة إلى ما هو ضعيف من أعضائه الاعلى سبيل التبع مثلا من يعتريه الدوالي فالواجب له من الرياضة التي يستعملها ان لا يكثر تحريك رجليه بل يفلل ذلك ويحمل برياضته على أعالي بدنه من عنقه ورأسه وبدنه بحيث يصل تأثير الرياضة إلى رجليه من فوق والبدن الضعيف رياضته ضعيفة والبدن القوى رياضته قوية واعلم أن لكل عضو في نفسه رياضة تخصه كما للعين في تبصر الدقيق وللحلق في اجهار الصوت بعد أن يكون بتدريج وللسن والاذن كذلك وكل في بابه * (الفصل الثالث في وقت ابتداء الرياضة وقطعها) * وقت الشروع في الرياضة يجب أن يكون البدن نقيا وليس في نواحي الأحشاء والعروق كيموسات خامة رديئة تنشرها الرياضة في البدن ويكون الطعام الأمسى قد انهضم في المعدة والكبد والعروق وحضر وقت غذاء آخر ويدل على ذلك نضج البول بالقوام واللون ويكون ذلك أول وقت هذا الانهضام فان الغذاء إذا بعد العهد به وخلت الغريزة مدة عن التصرف في الغذاء واشتعلت النارية في البول وجاوزت حد الصفرة الطبيعية فان الرياضة ضارة لأنها تنهك القوة ولهذا قيل إن الحال إذا أوجبت رياضة شديدة فبالحري أن لا تكون المعدة خالية جدا بل يكون فيها غذاء قليل اما في الشتاء فغليظ واما في الصيف فلطيف ثم إن يرتاض ممتلئا خير من أن يرتاض خاويا وان يرتاض حارا أو رطبا خير من أن يرتاض والبدن بارد أو جاف وأصوب أوقاته الاعتدال وربما أوقعت الرياضة حار المزاج يابسه في أمراض فإذا تركها صح ويجب على من يرتاض أن يبدأ فينقص الفضول من الأمعاء ومن المثانة ثم يشتغل بالرياضة ويتدلك أولا للاستعداد دلكا ينعش الغريزة ويوسع المسام وأن يكون التدلك بشئ خشن ثم يتمرخ بدهن عذب ثم يدرج التمريخ إلى أن يضغط العضو به ضغطا غير شديد الوغول ويكون ذلك بأيد كثيرة ومختلفة أوضاع الملاقاة ليبلغ ذلك جميع شظايا العضل ثم يترك ثم يأخذ المدلوك في الرياضة اما في زمان الربيع فأوفق أوقاتها قرب انتصاف النهار في بيت معتدل ويقدم في الصيف
(١٦٠)