ان أبقراط يأمر باستعمال القئ في الشهر يومين متواليين ليتدارك الثاني ما قصر وتعسر في الأول ويخرج ما يتحلب إلى المعدة وبقراط يضمن معه حفظ الصحة والاكثار من هذا ردئ ومثل هذا القئ يستفرغ البلغم والمرة وينقى المعدة فإنها ليس لها ما ينقيها مثل ما للأمعاء من المرار التي تنصب إليها وينقيها ويذهب الثقل العارض في الرأس ويجلو البصر ويدفع التخمة وينفع من ينصب إلى معدته مرار يفسد طعامه فإذا تقدمه القئ ورد طعامه على نقاء ويذهب نفور المعدة عن الدسومة وسقوط شهوتها الصحيحة واشتهاءها الحريف والحامض والعفص وينفع من ترهل البدن ومن القروح الكائنة في الكلى والمثانة وهو علاج قوى للجذام ولرداءة اللون وللصرع المعدى ولليرقان ولانتصاب النفس والرعشة والفالج وهو من العلاجات الجيدة لأصحاب القوباء ويجب أن يستعمل في الشهر مرة أو مرتين على الامتلاء من غير أن يحفظ دور معلوم وعدد أيام معلومة وأشد موافقة القئ لمن مزاجه الأول مراري قصيف * (الفصل الرابع عشر في مضار القئ المفرط) * القئ المفرط يضر المعدة ويضعفها ويجعلها عرضة لتوجه المواد إليها ويضر بالصدر والبصر والأسنان وبأوجاع الرأس المزمنة الا ما كان منه بمشاركة المعدة ويضر في صداع الرأس الذي ليس بسبب الأعضاء السفلى والافراط منه يضر بالكبد والرئة والعين وربما صدع بعض العروق ومن الناس من حب أن يمتلئ بسرعة ثم لا يحتمله فيفزع إلى القئ وهذا الصنيع مما يؤدى إلى أمراض رديئة مزمنة فيجب ان يمتنع عن الامتلاء ويعدل طعامه وشرابه * (الفصل الخامس عشر في تدارك أحوال عرض للمتقيئ) * أما امتناع القئ فقد قلنا فيه ما وجب وأما التمدد والوجع اللذان يعرضان تحت الشراسيف فينفع منهما التكميد بالماء الحار والأدهان الملينة والمحاجم بالنار وأما اللذع الشديد الباقي في المعدة فيدفعه شرب المرقة الدسمة السريعة الهضم وتمريخ الموضع بمثل دهن البنفسج مخلوطا بدهن الخيري مع قليل شمع وأما الفواق إذا عرض معه ودام فليسكنه بالتعطيش وتجريع الماء الحار قليلا قليلا واما قئ الدم فقد قلنا فيه في باب مضار القئ وأما الكزاز والأمراض الباردة والسبات وانقطاع الصوت العارضة بعده فينفع فيها شد الأطراف وربطها وتكميد المعدة بزيت قد طبخ فيه السذاب وقثاء الحمار ويسقى عسلا وماء حارا والمسبوت يستعمل ذلك ويصب في أذنه * (الفصل السادس عشر في تدبير من أفرط عليه القئ) * ينوم ويجلب له النوم بكل حيلة وليربط أطرافه كربطها في حبس الاسهال ولتعالج معدته بالأضمدة المقوية والقابضة فان أفرط القئ واندفع إلى أن يستفرغ الدم فامنعه بسقي اللبن ممزوجا به الخمر أربع قوطولات فإنه يوهن عادية الدواء المقيئ ويمنع الدم ويلين الطبيعة فان أردت أن تنقى نواحي الصدر والمعدة من الدم مع ذلك لئلا ينعقد فيها فاسقه سكنجبينا مبردا بالثلج قليلا قليلا وقد ينفع من ذلك شرب عصارة بقلة الحمقاء مع الطين الأرمني وإذا جرع منه من أفرط عليه دواء قيأه ويجب أن تطلب الأدوية المقيئة على طبقاتها وكيف يجب أن يسقى كل واحد
(٢٠٣)