مخالف لها في جميع سمات الحدوث. ومن ذلك تنزهه عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية.. إلى أن يقول: هذا وقد خذل الله أقواما أغواهم الشيطان وأزلهم واتبعوا أهواءهم وتمسكوا بها لا يجدي فاعتقدوا ثبوت الجهة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا واتفقوا على أنها جهة فوق..
وممن نسب إليه القول بالجهة من المتأخرين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي من علماء القرن الثامن في ضمن أمور نسب إليه خالف الإجماع فيها عملا برأيه وشنع عليه معاصروه بل البعض منهم كفروه ولقي من الذل والهوان ما لقي (41).
وأخيرا نرجع لنقول إن الخلاف بين أهل السنة والسلفية الوهابية متشعب وعميق في مجال العقائد. بدأ في المنهج والمنطلقات وانتهى وتعمق مع النتائج. والسبب يرجع ليس فقط لمشكل المتشابه في الآيات، لأن هناك محكمات جلية واضحة يمكن الاحتكام إليها. ولكن للكم الهائل. من الأحاديث التي تأكد للمحققين أنها من مدسوسات أهل الكتاب وأقوال الكذبة من الأعراب وغيرهم.
لذلك وقع الخلاف فذهبت كثير من الفرق ومنهم الأشاعرة إلى تأويل ما جاء في تلك الأحاديث من صفات قد تشوش مفهوم التوحيد والتنزيه. وإن كان غيرهم قد ضرب بها عرض الحائط، ولم يعتمدها في مبحث العقائد بالمرة. أما الفريق الآخر من المحدثين والحشوية والسلفية فإنهم تشبثوا بها وانطلقوا منها لرسم صورة التوحيد الإسلامي الحقيقي كما يدعون.
أما رفضهم للتأويل فقد أوقعهم في تخبط واضطراب لا يمكن للتنابز بالألقاب واتهام الآخرين بالتعطيل والزندقة أو الكفر والضلال أن يستر عورته.