أثيرت من جديد، بعض القضايا الأصولية والعقائدية كمسألة الصفات الإلهية وموقف السلف منها وكيفية اعتقادهم بها. وصولا إلى إحياء الطب النبوي والتداوي بالأعشاب والدعوة إلى الرجوع لتناول الأعشاب بدل الأدوية التي تنتجها المختبرات العلمية.
كل هذا الزخم الفكري الجديد شكل بحق، وباعتراف كثير من المفكرين الإسلاميين، انتكاسة للفكر الإسلامي المعاصر، الذي بدأ واعدا ومبدعا في عملية الإحياء الحضاري الإسلامي العام. وسجل باعتراف الخصوم. خطوات متميزة في بعض إبداعاته وهو يعالج إشكالات النهوض، والخروج من مأزق التخلف العام، رغبة في وضع قطار النهضة الإسلامية على مساره الحقيقي لتحقيق الأقلاع الحضاري والعلمي للأمة. كي تأخذ مكانها اللائق بها بين الأمم، ويعود الإسلام للواجهة كدين ورسالة خالدة، لا بد من إيصالها لجميع أبناء البشرية أفرادا وجماعات لتخرجهم من ظلام الجهل والكفر إلى نور الإيمان وعدل والإنسانية الحقة.
لكن موجة الدعوة السلفية ظهرت فجأة، كقدر أريد به إيقاف هذه المسيرة النهضوية والإبداعية في الفكر والحياة الإسلامية. فبدلا من معالجة القضية الاقتصادية وإثراء البحث والنقاش حول المنهج الإسلامي الاقتصادي لتحقيق العدالة والتكافل الاجتماعي، مثلا. يتحول الجهد الفكري والمالي لمناقشة فكرة عذاب القبر، وحجم الحيات والعقاب التي سيجدها الإنسان هناك، حالما يصل إلى تلك الحفرة. ونحن عندما نأتي بهذا المثال نطلب من القارئ أن يمر وهو في طريقه إلى عمله، على أية مكتبة إسلامية اليوم، ليرى حجم وكثرة هذه الكتب التي تناقش عذاب القبر وتصور أهواله ومصائبه، والعقل السلفي هو الذي يؤلف ويكتب وينشر ويهتم بهذه المواضيع! أما الاقتصاد والسياسية أو العلم أو كل ما يتعلق بمصير المسلمين الدنيوي، وما يتخبطون فيه من مشاكل ومحن وإحن. فلا أظن أن المكتبة السلفية يهمها أن تحتوي على كتب