السلفية بين أهل السنة والإمامية - السيد محمد الكثيري - الصفحة ٤٦٩
الخطيرة. وهذا الأسلوب هو السبب في خوف كثير من علماء أهل السنة وإعراضهم عن الرد والتأليف تفنيدا لمعتقدات هذه الفرقة السلفية الحنبلية.
وقصة الشيخ محمد الغزالي ليست بعيدة عنا فقد ألف هذا المفكر الإسلامي المعاصر كتابا بعنوان " السنة بين أهل الفقه والحديث " تعرض فيه لعلاج أمهات القضايا الفكرية التي تعصف بساحة الصحوة الإسلامية. ومن بينها ضمنا أسلوب الدعوة السلفي. فما شعر الرجل إلا ودعاة السلفية ينهالون عليه من كل جانب نقدا وتجريحا وتسفيها. وقد سمعت أن البعض منهم دعاه للتوبة وتأليف كتاب جديد يتبرء فيه من الأفكار والآراء التي أوردها في هذا الكتاب.
لكني لا أعلم كيف انتهت القصة وهل تاب الرجل أم لا زال مارقا عن الحق " السلفي "، نائيا بنفسه بعيدا عنه، لكني على يقين أنه لم يؤلف كتابا جديدا بعد، ينفي فيه آراءه السابقة. كما أنني أشك في قبولهم توبته، لأنه لن يلتزم إطلاقا بشروط التوبة لديهم. وهذا يذكرنا بموقف الخوارج الذين طلبوا من الإمام علي أن يثوب بعد أن يعترف حقا بأنه كفر.
وفي المغرب الأقصى ألف أحد السلفيين كتابا تهجم فيه على زعيم حركة العدل والإحسان الإسلامية الشيخ عبد السلام ياسين وقيل أن كفره فيه.
وذلك يرجع في ما يظهر للطابع الصوفي الذي يتحلى به هذا الشيخ، أو لانتصاره لبعض العقائد والسلوكيات الصوفية والطرقية. وهكذا فقد عمت الفتن المذهبية وتعمقت الكراهية والطائفية بين طوائف المسلمين. ويمكن أن نعلن ونؤكد أن أنباء الصحوة الإسلامية اليوم يخوضون حربا ضروسا فيما بينهم (132). والجبهة الداخلية التي كانت إلى وقت قريب متراصة وقوية في

(١٣٢) من الأمثلة الأكثر وقعا على النفس، الحديث الذي أدلى به سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز لمجلة (المجاهد) التي يصدرها المجاهدون الأفغان... حيث سأله مجري المقابلة (سلطان عبد المحسن الخميس): من خلال معرفة سماحتكم بتاريخ الرافضة ما هو موقفكم من مبدأ التقريب بين أهل السنة وبينهم؟.
أجاب الشيخ: " التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة غير ممكن، لأن العقيدة مختلفة، فعقيدة أهل السنة والجماعة توحيد الله وإخلاص العبادة لله سبحانه وتعالى، وأنه لا يدعى معه أحد... والرافضة خلاف ذلك، فلا يمكن الجمع بينهما، كما أنه لا يمكن الجمع بين اليهود والنصارى والوثنيين وبين أهل السنة، فكذلك لا يمكن التقريب بين الرافضة وبين أهل السنة لاختلاف العقيدة التي أوضحناها ".
وسئل الشيخ مرة أخرى: وهل يمكن التعامل معهم - الشيعة - لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟. أجاب الشيخ: " لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسدا وأحدا، وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله (ص) من الحق...
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحديث موجه للمجاهدين الأفغان، الذين يواجهون الحكم الشيوعي، وبينهم نسبة غير قليلة من الشيعة تصل إلى ٣٠ % من السكان تشاركهم في الجهاد... فافهم لماذا لم يتوفق المجاهدون حتى الآن في مسعاهم؟! الشيعة في المملكة العربية السعودية، ج 2 ص 398.
(٤٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 ... » »»
الفهرست