العلاقة وأدب القضاء وتبين فيها قواعد الأحكام وأصول تنزيلها، وأدلة الأحكام الشرعية لدى المذاهب الفقهية الإسلامية المختلفة ومقارنة أدلتها.
وذلك بهدف رفع المستوى الفقهي للقضاة (90).
وهذا المطلب الأخير يؤكد ما قلناه سالفا من أن وراء المذكرة سلفيين متنورين. لأنهم يطالبون صراحة بالاطلاع على المذاهب الفقهية الإسلامية المختلفة، وهذا اعتراف بإسلام أصحابها كما أن هناك حاجة إلى ضرورة توسيع الأفق الفكري الإسلامي العام بدل التقوقع في إطار المذهب الحنبلي بصيغته الوهابية وما أضافه ابن تيمية.
بل يمكننا أن نجزم بأن النضج والتطور الذي عرفه العقل السلفي من خلال هذه المذكرة إنما سببه الانفتاح على الفكر الإسلامي العام الذي عرفه السلفيون داخل الأوساط الجامعية المنفتحة والمتنوعة. فلو رجعنا إلى زعماء السلفية التقليديين لوجدنا أن ناصر الدين الألباني مثلا يصف الفقه الحنفي بأنه " إنجيل محرف " كما أن الموقف العام من المذاهب الفقهية السنية هو رفضها وعدم اعتبار ما توصل إليه أصحابها من اجتهاد في الفروع والأصول.
ومن أهم ما جاء في المذكرة بخصوص القضاء هو الدعوة إلى إنشاء " محكمة دستورية شرعية يرجع إليها في القضايا الكلية وكل ما يضمن هيمنة الشرع وسيادته على الأمة والدولة (91)، ونعتقد إن هذه الفكرة مقتبسة من الإيرانيين الذين أسسوا هيئة من كبار العلماء والفقهاء مهمتها مراقبة القوانين والأنظمة التي تصدرها الهيئات التشريعية المختلفة في الدولة لضمان عدم مخالفتها للشريعة.