والمدينة لمناظرة علماء أهل السنة. " فلما وصلوا إلى الحرمين وذكروا لعلماء الحرمين عقائدهم وما تمسكوا به، رد عليهم علماء الحرمين وأقاموا عليهم الحجج والبراهين التي عجزوا عن دفعها، وتحقق لعلماء الحرمين جهلهم وضلالهم ووجدوهم مسخرة، كحمر مستنفرة، فرت من قسورة ونظروا إلى عقائدهم فوجدوها مشتملة على كثير من المكفرات فبعد أن أقاموا البرهان عليهم كتبوا عليهم حجة عند قاضي الشرع بمكة تتضمن الحكم بكفرهم (36).
لذلك كان حكام الحجاز من الشرفاء عندما يردون هجوما وهابيا ويقتلون بعض رجاله ويعلقون رؤوسهم في مداخل مكة على اعتبار أنها رؤوس " خوارج " وهي الصفة التي أطلقها علماء أهل السنة على هؤلاء الوهابية، وأكثروا من الاستشهاد بالأحاديث للتدليل على أنها تشملهم وتخصهم، وسنذكر بعضا من أدلتهم.
توالت الردود الفكرية لتعرض مفهوم التوحيد لدى أهل السنة، والرد على المفهوم الجديد الذي يقول به الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الذي أخذ بعضا منه من شيخه ابن تيمية، وكانت أولى الردود القوية ما كتبه أخو الشيخ سليمان بن عبد الوهاب. وقوة هذا الرد تكمن أساسا في أن الشيخ سليمان كان حنبليا مثل أخيه، كلاهما ينطلق من موروث الحنابلة الفكري وله معرفة واسعة بكتب ابن تيمية وابن القيم الجوزية كذلك. لذلك جاء الرد قويا وصريحا في أن الوهابية قد أساؤوا فهم تراث ابن تيمية، بل إنهم تقولوا عليه وأولوا كلامه بما يخدم أغراضهم ويدعم أهواءهم. وإن كلام الشيخ ابن تيمية وتلميذه ابن القيم لا يمكن ركوبه للوصول إلى ما وصل إليه الوهابيون من تكفير عامة المسلمين وحربهم وإباحة دمائهم وأموالهم وذراريهم.