سمعه وقلبه) هذا الذي لم تنفع به دلائل العقل والمواعظ والزواجر بل انهمك باتباع هواه على علم منه بالحق وبإدباره عنه بهواه وسوء فعله فجعل هواه إلها له في الانقياد إليه هذا الذي قد رفع الله عنه عناية التوفيق فتركه الله وهواه وطغيانه واستعير لذلك لفظ الاضلال فلم يوفق سمعه الانتفاع بما سمعه من النصح ولم يوفق قلبه للإذعان بما ينفعه كل ذلك على علم بما ينفعه وما يضره وعلى معرفة بالصالح والفاسد فتركه الله وهواه فكأنه ختم على سمعه وقلبه فلا يدخل إليهما بعناية التوفيق ما ينفعه.
أفلا تنظر في الآيات الثامنة والتاسعة والعاشرة بعد المائة من سورة النحل فيمن توغل بكفره وتعامى في غيه وشرح بالكفر صدرا واستحب الحياة الدنيا على الآخرة وحرمه الله هداية التوفيق بعد أن أقام عليه الحجة بهداية الدلالة فلم يلتفت إليها ولم يعتبر بما يراه في الآيات ولم يصغ لما يسمعه من المواعظ والزواجر (أولئك الذين) تركهم الله وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم إلى ضلال كفرهم. إذن فلا ينتفعون بقلوبهم وسمعهم وأبصارهم في الهدى ومن أين يأتيهم التوفيق إلى الهدى، إلا من الله.
وبذلك يكون الله جل أسمه (طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) أفلا تنظر إلى ما جاء في القرآن من الانكار والتوبيخ على فعل الشر والمعصية. فهل ينكر الله ويوبخ على ما خلقه هو في الانسان أو ألجأه عليه.
أفلا تنظر إلى قوله: (كيف تكفرون بالله) (1) (لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق) (2) (لم تصدون عن سبيل الله) (3) (فمالكم