اليعازر: إن أصحابنا في كتبهم يعارضون العرب المنتسبين إلى إسماعيل وإبراهيم وينكرون نسبهم هذا واتصالهم بإبراهيم ويذكرون أن هؤلاء العرب أخلاط من الحبشة وغيرهم فلا يعلم حينئذ نسبة بناء الكعبة وآثارها إلى إبراهيم.
عمانوئيل: يا والدي نقول أولا يكفي في العلم بنسبة الكعبة إلى إبراهيم تسالم العرب القحطانيين في أجيالهم يدا بيد إلى زمان إبراهيم فإن القحطانيين وحدهم يبلغون في كل جيل مئات الألوف أو ألوف الألوف وهم لهم القرب والربط التام بأرض مكة وهي من قطرهم ونقول ثانيا إن من أهم الأمور عند العرب حفظ النسب والدقة فيه والتفاخر بشرفه والتنازع فيه وقد كان جميع العرب في أجيالهم يذعنون ويشهدون للعرب الإسماعيليين بأنهم من أولاد إبراهيم ويخضعون لشرف نسبهم ويجرون لهم اللازم في احترامهم من أجل هذا الشرف وقد استمرت على ذلك أجيالهم بأتقن تاريخ ولو كان في ذلك أدنى غميزة لما خضع القحطانيون لافتخار الإسماعيليين واحترام شرفهم مع ما لا يخفى من نخوة العرب وجبروتهم وتنازعهم في أسباب الشرف والتقدم لكن وضوح الحقيقة أخضعهم.
وهل يخفى ما للعرب من التقدم في علم الانسان وتاريخ قديمها وشريفها بحيث لا يوجد في سائر الأمم من يدانيهم في ذلك فإن الانسان عند العرب منشأ العز وناموس الشرف والاحترام يتنافسون فيها ويتحاسدون ولا يفوز منها بالتسليم لفضيلته إلا ما كان معلوما لا مجال لجحوده بحيث تراه كأنه مسجل ومبين في آلاف من الكتب بل وأحلى من ذلك فإن الكتاب يكتب وقد يصفق له جمهور باسم كاتبه أو أسم الالهام فيبقى على ذلك التصفيق عثرة في سبيل الحقيقة وأما النسب عند العرب ففي جميع أجيالهم هو معرض للنقد والنظر في أمره فلا يثبت ويستمر في أجيالهم إلا ما كان رصينا على أقوى قواعد وأثبت أساس خصوصا إذا كان شأنه يمس جميع العرب ويخضعون بأجمعهم لشرفه وفضيلته على ناموس انقيادهم