في الحج في دين الاسلام رمزي: قد يعترض المعترض على الحج في دين الاسلام لما يرى فيه من المشقات وصرف الأموال الكثيرة. ولما يرى فيه من الأحوال الغريبة وتقييد الانسان بقيود الاحرام ومنعه عن كثير من الملاذ وتكليفه بأعمال تخل بشرفه ككشف رأسه والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة. والهرولة في السعي. فما هو الوجه في هذه الأعمال. بل يقال في أول السؤال ما وجه تخصيص (مكة) وما يتبعها والكعبة بالحج وفرضه وهذه الأعمال.
مكة وتاريخها وحجة القرآن له الشيخ: أما السؤال عن تخصيص مكة والكعبة بالحج فلأن الكعبة أول بيت وضع بعد الطوفان لعبادة الله والاخلاص بتوحيده حينما كانت الأرض قد استولت عليها العبادة الأوثانية والشرك فكانت الكعبة باكورة مشاعر التوحيد وعبادة الله الخالصة وقد بناه أول ناهض في دعوة التوحيد ومعارضة الشرك والوثنية وهو إبراهيم خليل الله ومعه ولده إسماعيل مبارك الله.
فكانت الكعبة هي المكان الجدير بأن يبقى تذكاره في عبادة الله وتعظيم شعائره مدى الأيام. والقرآن الكريم يشير إلى هذا الوجه في قوله تعالى في الآيتين السادسة والتسعين والتسعين من سورة آل عمران (إن أول بيت وضع للناس) ليكون لهم مشعرا عاما لعبادة الله والاخلاص في توحيده (للذي ببكة) اسم مكة وقد أكد الله الأخبار بأوليته علما منه بما يقع من حسد الحاسدين وجحود الجاحدين (مباركا هدى للعالمين) إذ يتوجهون إلى عبادة الله واتباع رسله دعاة الهدى والتوحيد لا يختص بقوم دون قوم ولا بعصر دون عصر بل هو للعالمين (فيه آيات بينات) تهدي إلى كرامته بكرامة بانيه وغاية بنائه وحفظ تاريخه وشرف انتسابه ومباديه فقد كثرت بتعددها القرون بنحو خمسة وعشرين قرنا واختلفت بتداولها