رمزي: جاء في الآية الثالثة والعشرين من سورة الكهف (ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله) فالقرآن علق فعل الانسان خيره وشره على مشيئة الله وربطه بها فلا يكون حر الإرادة والاختيار كما تقولون بل تكون أفعاله حتى الأثيمة بمشيئة الله.
الشيخ: لم يقيد القرآن إرادة الانسان ولم يعلق فعله بأنواعه على مشيئة الله بل لم يعلق إلا الفعل الذي يجزم الانسان بغروره بأنه سيفعله بقدرته في المستقبل مع غفلته عن كونه عرضة للموت والمرض والعوائق وتغير الأمور فالقرآن يوبخ الانسان على اغتراره بما عنده في وقته من القدرة فيتوهم بغروره بقاءها في المستقبل ويجزم بأنه يفعل غدا.
كأنه ليس له إله يغير الأمور ويقدر عليه الموت والمرض والعوائق.
ويستلفته بتعليمه الراقي إلى دوام الاعتراف بعجزه وأن بقاء قدرته ومتعلقات إرادته ومواضيع فعله إنما هو بقدرة الإله العظيم المتصرف في العالم وبمشيئته.
فالمقصود إلا أن يشاء الله بقاءه وبقاء قدرته على الفعل وبقاء مواضيع الفعل ومتعلقات الإرادة. وهذا أيضا معنى مشيئة الله للفعل أن أبيت إلا تعليق المشيئة في الآية بالفعل.
ولعمري إن سوق الآية وتعليمها ليوضح ما قلناه فضلا عن دلالة العقل والقرآن والدين على تقديس الله.
رمزي. أليس في الآية السادسة عشرة من سورة الإسراء قوله تعالى: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) أليست هذه الآية تدل على أن الله يأمر بالفسق.
الشيخ: من أين لك أن المراد أمرنا المترفين بالفسق ومن أين أتيت بهذا التفسير. هل نسيت ما ذكرنا قريبا في قسم المحكم قول القرآن إن الله لا يأمر بالفحشاء.
وإن الله يأمر بالعدل والاحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر