وحسن الدلالة وزاجر الوعيد على سوء الأعمال وجميل الترغيب بالوعد بالجزاء العظيم على الأعمال الصالحة واتباع الهدى. وأكد ألطافه في ذلك بشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأديب الرياسة الدينية التي جرت السياسات الزمنية على معقولها وإن تفاوتتا أحيانا بالتطبيق.
أفلا تدري أن الأفعال التي يفعلها الانسان في الشرور هي من نوع الأفعال التي يفعلها الانسان في تنعماته المباحة وترقيه في الكمال وإنما تختلف الأفعال بالعناوين والإضافات. وإن القدرة وأسبابها على الفعل القبيح هي القدرة وأسبابها على الفعل القبيح هي القدرة وأسبابها على الفعل الحسن.
أم أنت لا تلتفت إلى أن الناس منهم من يختار اتباع الهدى وفعل الخير فيرتقي بذلك إلى مراقي الكمال ومكارم الأخلاق والسعادة ومنهم من يختار التلوث بذميم الأفعال ورذيل الأخلاق وخسة السقوط وسيأتي إن شاء الله لهذا زيادة إيضاح في الكلام على المعاد وصحة مسؤولية الانسان.
فهل يريد أبيقورس بتحكمه أنه يجب على الإله أن يسلب اختيار الانسان وإرادته وقدرته ويسد عليه باب الرقي في الصلاح والكمال ويجعله كالحجر الذي لا يفعل الشر.
فيكون الإله قد سد باب النعمة والرحمة عن خلقه وحجب كرامته عمن يكون صالحا راقيا كاملا باختياره وحرمه الرقي باختيار الفضيلة ومكارم الأخلاق وحجبه عن التنعم بسعادة الصلاح والابتهاج بالكمال واستحقاق المدح والجزاء.
أما أنه لا يحرم بذلك الصالح وحده بل يحرم المتمرد أيضا عن أهليته وقدرته على الرقي المذكور. هل يكون هذا من رحمة الله ولطفه بعبده؟؟ وهل يجب هذا الحرمان على الإله فيقاوم رحمته ولطفه وجوده