يجعل الله رسالته في الآثمين والذين يكذبون أو يظلمون أو نتناقض أقوالهم وأفعالهم أو يكابرون الحق ويتمردون عليه أو يخالفون الحقائق المعقولة أو يأتون بما ليس بمعقول وقد أوضح الله الحال في شأن الرسالة بالقانون الكلي المعقول في قوله تعالى في الآية الرابعة والعشرين بعد المائة من سورة البقرة (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما) ومقدما في تبليغ الأحكام الإلهية وسيطرة الشريعة وتنفيذها وتعليم الدين وتهذيبه وتأديبه (قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) عهدي هذا الذي قلته لك وطلبت أنت أن أجعله في بعض من ذريتك لا ينال الظالمين لأنفسهم بالكفر والفسق والخروج عن الاستقامة وتعدي الحدود المشروعة والمعقولة. والظالمين لغيرهم بالعدوان وفساد الأخلاق.
كيف ينال الظالمون عهد الله القدوس العادل الحكيم بهذا المقام الكبير والمقصود منه أشرف الغايات.
ألست ترى أن الظلم ينادي بنقص الظالم وأنه ليس له كمال يردعه عن ظلمه ويوجب الوثوق بصدقه في أخباره وتبليغه واستقامته في تهذيبه وتعليمه وسيطرته فلا يثق العقلاء به ولا ينقادون إليه.
فكيف يجعل الله الإمامة الدينية فيه وكيف ينقض الله غرضه ويجعل الحجة للعباد عليه مع أنه الإله القدوس الكامل العليم الحكيم.
دعوى النبوة والرسالة حيث ترد بدلائل كذبها هل يخفى من العقل والشرع والقانون الفطري الأولي في كل قضاء أن كل دعوى يراد إقامة الحجة عليها لا بد من أن تكون غير ساقطة في نفسها ولا مقرونة بالموانع الشاهدة على سقوطها.
وقد أشرنا لك في الكلام السابق من دلالة العقل وبيان القرآن الكريم وحجته وأومأنا إلى ما لا يناسب مقام النبوة بل يمنع منها بحيث أن التلوث بشئ من تلك الأمور لا تسمع منه دعوى النبوة والرسالة ولئن زعم