النفس تثبت مزيتها واستقلالها في بعض أعمالها وأما القسم الثاني: فهي خصائص نجدها لا تدور حول آلية الجسد وكثيرا ما لا يكون لها أدنى مساس.
نجد في الانسان مدركا جازما حاكما بالقطع واليقين بأن الفعل لا بد له من فاعل والأثر لا بد له من مؤثر والحادث لا بد له من علة والنقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان والضدين لا يجتمعان وكل زوج ينقسم بمتساويين وكل فرد لا ينقسم بمتساويين إلى غير ذلك من القوانين الحسابية والهندسية.
يعلل الموجودات الحادثة ويسير في تعليله ويميز العلة عن اللازم المقارن.
يدرك القوة التي لا تحس إلا آثارها ويحكم بوجودها ويعلل بها تلك الآثار. يحكم بهذه الأحكام اليقينية الكلية الجارية بتيار عمومها إلى حيث لا يحد مجراها في المصاديق. يدرك القوانين الكلية والقواعد العامة التي بها أسس العلوم وبنيت صروحها وأقيمت دعائمها تلك القوانين والقواعد المشرق يقينها والمطرد تيار عمومها والتي تعرفك هي والشعور المستقيم أنها ليست بنات الحس والحواس وليست إلا بنات النفس والواسطة بنات التعليل العام الذي هو من خصائص النفس.
رمزي: إن كثيرا من هذه القوانين العامة تحتاج إلى التجربة والحس فليست من خصائص النفس.
عمانوئيل: نذكرك أولا بأنا قد بينا لك على أول كلامك في النفس أن أتقن قضية استقرائية جرى فيها التتبع لغالب الأفراد لا تحظى إلا بالظن الذي كثيرا ما ينكشف فيه الخلاف كما في بعض حيوانات استراليا فلا يفوز عموم في قانون باليقين إلا باستقلال النفس وامتيازها بادرا له وإدراك تعليله.