وإن لها جهة تراعي بها شؤون الجسد المتحدة به. ولها جهة أخرى عقلية تراعي بها الحقائق الصالحة والصلاح الشخصي والنوعي وكثيرا ما ترجح الحقائق الصالحة على شؤون الجسد واحتياجاته الماسة والتي ترجع بسبب الاتحاد إلى كونها احتياجات النفس ومقاصد أهوائها.
بل كثيرا ما تفدي شؤون الجسد بل وحياته لأجل تلك الحقائق مع الحقائق مع الافتخار بالفضيلة وإحراز الموفقية لذلك الفداء وترجيحه واختياره.
وكثيرا ما تنال بذلك فضيلة الاستحسان والمديح.
في النفس والعقل لا ينبغي للمناقشات في الحيثيات أن تقف أمام الحقائق الملموسة بيد الادراك الأولي والمنظورة بعين البصيرة.
بل اللازم في فلسفة الحقائق أن نمشي مع واجبها العلمي لتحصيل النتائج المطلوبة جنبا لجنب. إذن فلا يهمنا في مقامنا هذا أن نوسع نطاق البحث لكي نقول إن العقل هو جوهر قائم بذاته ملازم في مرافقته للنفس لتستهدي به إلى الحقائق الصالحة ويكون دليلا مرشدا لها في سبيل هداها.
أو لكي تقول: إن ذات النفس تسمى نفسا باعتبار تمايلها إلى شخصيات الجسد وتحرك إرادتها بأهوائه من دون اعتناء لها بما تدركه من الحقائق الصالحة.
وتسمى عقلا باعتبار إدراكها للحقائق وجريان إرادتها وأعمالها على مقتضى تلك الحقائق وإدراكها.
لا مساس لهذا البحث المتشعب ونتائجه في تشويش ما نريد بيانه أو في تنويع ما نتطلبه من النتائج.