بنعمها. يسعى لها بأنواع السعي والحرص والظلم والتكالب وإن انحطت قواه وقلت ملاذه وفقد أنفع حواسه وثروته وعزه وشرفه وولده الوحيد.
كل هذا لكي يتمتع بنعمة الحياة وما بقي من ملاذها بحرص وعظيم محبة وانهماك بحياته وإن أيقن بقصر المدة.
وبهذا الميزان تكون نعمة الحيوان في حياته وقيمتها في شعوره وابتهاجه بتمتعه بها.
وانظر إلى العلماء كيف يجدون حياتهم في العلم نعمة لا يستطاع تقديرها ولا تحد محبوبيتها. وانظر إلى المال ولوازم التعيش وإلى الأولاد والسيادة والشرف كيف يجدها الانسان بطبعه وفطرته نعما عظيمة محبوبة بجميع مراتبها - بل إن الذي يشمخ ويتعالى بثروته إذا زال عنه ذلك فإنك تراه يتقحم أرذل الوسائل وأخسها لتحصيل ما يسد الرمق ويحفظ صحته وحياته ويجد حصول ذلك غنيمة محبوبة ونعمة كبيرة يتمتع بها ويتلذذ.
وكذا من عجز عن تحصيل المراتب العالية من الملاذ ومطامح الشهوات..
وانظر إلى من قنعت نفسه الكريمة ورضيت بما عنده كيف يتلذذ ويتمتع بما يجده ويعده نعمة ثمينة محبوبة في حياة رغيدة، لكن يا للأسف إن الانسان الأثيم إذا فقد مرتبة عالية من النعم التي علق بها طمعه وحرصه فإنه يعد فقدانها شرا صنع معه.
وإن النعمة المفقودة كانت حقا لفضيلته الموهومة وملكا لدوام استحقاقه. فأوضح لي وفسر لي ماذا يريد أبيقورس في كلامه من لفظ الشر؟.
رمزي: يريد ويعني ما ملأ العالم من دواهي الموت والأمراض والأوجاع والفقر والبلايا والمحن وفقدان الأحبة والانحطاط بعد الرفعة والذلة بعد العزة. هذه الشرور التي لم تدع في العيش صفا ولا هناء.
عمانوئيل: هذا ما نبهتك عليه إذ قلت لك إن كافر النعمة يعد