رمزي: قد جاء في الآية الثامنة والسبعين من سورة النساء (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولون هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) فالقرآن يصرح بأن الحسنات والسيئات وأعمال الإثم من عند الله.
فماذا تصنع بهذه الصراحة.
الشيخ: لماذا لا تفقه أن المراد من الحسنة ما يحسن عند الناس من نعم الدنيا كالنصر والفتح والغنائم.
والمراد من السيئة ما يسوء الناس من بلايا الدنيا. ألم تنظر إلى الآية التي قبل هذه الآية فتعرف أنهما في سياق واحد في حال المتثاقلين عن الجهاد والجازعين من أسباب السعادة وواجب الدفاع عن التوحيد ودين الصلاح لأجل انهماكهم بحب الدنيا والراحة وارتباكهم بالجهل وضعف العزائم والتطير برسول الله كما قال الله في الآية الحادية والثلاثين بعد المائة من سورة الأعراف عن قوم فرعون (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة) من العذاب الذي ابتلاهم الله به وأنذرهم به موسى (يطيروا بموسى ومن معه) فأمر الله رسوله أن يقول لهؤلاء المتثاقلين عن الجهاد الذين لا يفقهون حديثا إن جميع النعم التي تحسن عندكم والبلايا التي تسوءكم هذه كلها من عند الله بعطائه أو قضائه في قطع نعمه.
لماذا لا تعرف معاني الألفاظ العربية وما يراد منها، فإنه يكون معنى السيئة هو ما يسوء الناس من البلايا كما تقدم في الآيتين ويكون من معانيها عمل الإثم وقد جاءت المجاهرة التي تزيل الأوهام وتجلو الحقيقة بجمالها الوضاح كما في الآية التاسعة والسبعين من سورة النساء أيضا (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) فيا للعجب ممن يرى هذه الآية ويشتبه الحال عليه في الآية الأولى. أليست هذه الآية تفصل القضاء وتوضح المتشابه ببيانها.