من الفساد وواسطة في تدبير صحته.
ومن أجل هذه الرابطة وهذه العلاقة تتألم عند فقد الانسان صحته وعند اختلال مزاجه حينما يريد المنعم بتقديره وحكمته قطع بعض النعم عنه موقتا أو دائما. فالنفس بتلك الرابطة المجعولة لإيصال النعم العظيمة والملاذ الكبيرة تكون شاعرة بما يعرض للجسد من فقد الصحة واختلال نظامه.
فما عروض الآلام إلا أثر طفيف لتلك العلاقة التي تقوم بناموس إيصال النعم العظيمة إلى النفس وشعورها بها.
ولا ينحجب عنها الألم إلا بقطع علاقتها حينئذ من الجسد وفي ذلك يفوت تدبير النفس لنظام الجسد في ذلك الحين وتبطل مدافعتها لأسباب الآلام طلبا لاسترجاع الصحة.
إذن فليست الآلام والأوجاع شرا يجب على الإله أن يمحوه.
من فوائد خلق الانسان والحيوان على هذا النظام كم ترى في الادراك والشعور من مجد وكرامة وإشارة إلى السعادة إذن فاعلم أن أشرف علوم الانسان وأكرمها والذي يكون وسيلة للسعادة الأبدية وموصلا إلى المدنية الحقيقية والاجتماع الراقي السعيد إنما هي معرفته لإلهه وواهب حياته وولي نعمته ومالك أمره.
ومعرفة ما لهذا الإله من صفات الجلال والجمال فيفوز من بركة هذه المعارف باتباع تعاليم إلهه في المدنية الحقيقية والكمال الروحي ورقي السعادة.
ألا وإن خلق العالم على هذا النظام باب لتلك المعرفة وملفت للنظر نحوها ودليل هاد في جميع الأحوال إليها. إذا التفت الانسان إلى دوام التوالد والفناء والحدوث والتغير والنمو والتحليل والصحة والمرض والعجائب في تراكيب الحيوان وغايات أجزائه وكيف يجري ذلك كله على نواميس منظومة الدوران متناسقة الآثار متماثلة الغايات فإن هذا الالتفات