كتب الباحثون في ذلك. وأن شئت فانظر في الجزء الأول من كتاب الهدى من صحيفة 42 - 335 وإلى مكالمة عمانوئيل وأبيه في الجزء الأول من هذا الكتاب حتى لا تعود تقول (راجعنا مصادر ذلك من كتب وحي الإلهيين) بل تقول راجعنا مصادر ذلك من الكتب التي يرفض شرف الوحي منها ذلك. وقد أغنتنا عن الإطالة في ذلك تحقيقات العلماء الكاتبين.
دعوى النبوة والرسالة المسموعة وحجتها عمانوئيل: يا شيخ خذ في شأن مدعي النبوة وحجته.
الشيخ: فإذا كان مدعي النبوة ودعوته سالمان مما ذكرناه وما يجري مجراه من الموانع.
وكان مدعي النبوة والرسالة ظاهر الصلاح ممتازا في نوعه بجمعه لفضائل الصدق والثقة والأمانة وشرف النفس والعفاف وكرم الأخلاق.
مرضي الطريقة محمود السيرة مستقيم الدعوة المعقولة تألف إلى كماله النفوس وتركن إلى فضيلته المستقيمة في أحواله وأطواره. ولم يكن في أحواله وأطواره وأقواله ودعوته ما يكذبها أو يوجب الريب العقلائي الذي يطردها عن ساحة القبول فلا ريب في أن النفوس السالمة من داء العصبية والعناد والأهواء لا تتسرع إلى دعوته بالجحود ولا تبادر أمانته بفلتات سوء الظن بل تركن إلى الوثوق بقوله والاقبال على دعواه ونتوسم بباطنه الخير وموافقته لظاهره وكلما ازدادوا خبرة بصلاح ظاهره في أحواله ازدادوا وثوقا بصلاح باطنه أيضا وتفوقه على سائر الناس بكماله البشري.
ولكن مهما يكن من ذلك فإن هذا الوثوق وهذا الاعتماد لا يتعديان مرتبة الظن المبني على الظاهر فإن سرائر الانسان مستورة ودعوى النبوة والرسالة من الله دعوى غيبية كبيرة لها آثار عظيمة فلا يكفي فيها الركون الظني والوثوق المبني على ظاهر الصلاح بل لا بد فيها من اليقين الدافع