وغاية ما يذكر أن الكعبة كانت تجعل فيها الأصنام منذ قرون مجهولة المقدار.
وليكن ذلك قبل الاسلام بعشرين قرنا وقل بثلاثة وعشرين قرنا فإنه لا يمتنع أن يكون الضلال قد شوه دين إبراهيم الحنيف وتوحيده الحقيقي بعد مائة سنة من وفاة إسماعيل بل بعد عشر سنين.
وإن الاعتبار بالحوادث يجلو بصيرة الانسان فانظر إلى حال بني إسرائيل وعبادتهم للعجل في زمان موسى وانظر إلى حالهم عند انشقاق سياستهم في أيام رحبعام بن سليمان حيث إن عشرة أسباط انقلبوا إلى عبادة العجلين الذهبيين الذين صنعهما ملكهم (يربعام) واستمروا على الوثنية إلى أن بددهم السبي وانظر إلى تقلبات بني إسرائيل في وثنيتهم من زمان خروجهم من مصر إلى سبي بابل.
وانظر إلى ما يذكره العهد الجديد من أنه بعد المسيح بنحو خمسة عشر سنة اجتمع التلاميذ فأبطلوا الشريعة والختان مع أن المسيح قد استمر عليها وأوصى بحفظها (1) وإنا وإن كنا نبرئ ساحة تلاميذ المسيح من ذلك ومن دعوة التثليث لكنا نعلم أن هذه الأمور أدخلتها المجاورة وبعض الدواعي في عهد قريب من المسيح.
فلا عجب إذا حدثت العبادة الأصنامية بعد إسماعيل ووضعت الأصنام في الكعبة كما حدث إبطال الشريعة ودعوة التثليث والأقانيم والصور والأيقونات (التماثيل) واستمرت على ذلك مقرونة بمجرد اسم المسيح من دون شئ مما كان عليه من التوحيد ورسوم الشريعة.
ولكن الوثنية العربية لم تمح تاريخ إبراهيم وبناء الكعبة واحترامها.
ولم تمح من شريعة إبراهيم شريعة الختان وأصل الحج وإحرامه