يمكن إعماله ولا تجد له أدنى ميل ولا آلة. إذا لم يكن لك ولد فإنك لا تريد أن تسرق له مزمارا يزمر به لكي تستريح من هياجه ومطالبته بالمزمار.
وأما إذا كان لك ولد يطالبك بالمزمار فليس من اللازم الطبيعي أن تكون سارق مزامير لأجل تسكيته بل إنك بحسب وجهة تصورك إما أن تكون سارق مزامير سواء كنت متمكنا من الشراء أم لا وإما أن تشتري له بالحلال ما يسكن هياجه وإما أن تعرض عنه وهو يهدأ أخيرا.
هذا مثال الزاني الذي ذكرته في حال إخصائه وفحولته. أما قول القائل إنه يكون عند إخصائه أعف من يوسف فهو كلام من لا يعرف للعفة معنى.
ليست العفة عدم الفعل عند عدم القدرة وإنما العفة هي ترفع النفس الشريفة بتصوراتها الراقية عن العمل القبيح مع القدرة عليه ووجدان شهوته.
الأخلاق والتفكير رمزي: إن الانسان يكتسب أخلاقا تبعثه على ما يلائمها من الأعمال فما هو القول في هذا الموضوع وهل يبقى مع بعث الأخلاق مسؤولية على النفس وهل الأخلاق نفسية أو جسدية؟
عمانوئيل: كأنك سمعت من بعض الكاتبين قولهم: إن الخلق لا يتغير فحسبت إنه يلجأ على الأعمال فتقول إذن لا محل للمسؤولية العادلة المعقولة مع الالجاء.
نعم لا مسؤولية مع الالجاء ولكن من أين تقدر أن تكابر العيان والخبرة الشاهدين على أن الخلق لا يلجأ ولا يضطر على مناسباته من الأعمال بل نجده كثيرا ما يبطل أثره بحسب الدواعي المزاحمة له في التصور والاختيار وكثيرا ما يتعدل أو يتغير إلى ضده دفعة أو تدريجا بسرعة