السفر لغاية محرمة حرمته حتى يكون المحرم بنفسه أولى، بل الملاك كونه ذا غاية محرمة. وما نحن فيه لا يساويه فضلا عن كونه أقوى ليكون أولى.
نعم يمكن الاستدلال له برواية عمار بن مروان " قال: سمعته (عليه السلام) يقول: من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله، أو رسولا لمن يعصي الله أو في طلب عدو أو بشحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين " (1).
بتقريب أنه ربما يقال المعصية في السفر وربما يقال السفر في المعصية. فالسفر على الأول مشتمل على المعصية وعلى الثاني المعصية مشتملة على السفر، ولا يكون إلا بانطباق عنوان محرم على السفر، فكأن السفر منطو في المعصية كما هو مقتضى ظرفية المعصية. وأما السفر لغاية محرمة فهو سفر للمعصية أو إلى معصية، وعلى فرض التوسع في الظرفية فالسفر المحرم أظهر أفراده. وأما عطف قوله (عليه السلام) " أو رسولا الخ "، فالعطف بما هو غير مناف لإرادة السفر إلى المعصية من قوله (عليه السلام " أو في معصية الله " فإن عطف الخاص على العام أمر متعارف والعطف بأو الظاهر في المقابلة وإن كان مقتضيا لذلك، إذ لا تقابل بين الجامع وأفراده، إلا أنه يمكن أن تكون المقابلة باعتبار السفر إلى معصية الله بما هو حق لله تعالى، والسفر لما له مساس بحقوق المؤمنين والمسلمين واستدل له أيضا بقوله (عليه السلام) في موثقة سماعة " إلا أن يكون مشيعا لسلطان جائر " (2) حيث إن التشييع عنوان للسير عقيب المسافر لا غاية مترتبة عليه، وليس التشييع فعلا توليديا من السير ليكون للسير نحو من المقدمية، فإن كون شئ عقيب شئ وهو ملاك المشايعة والتشييع وإن كان لا يوصف به الأفعال فإن الأفعال بما هي حركات متقدرة بالزمان وإن كانت قابلة للسبق واللحوق الزمانيين لكنها غير قابلة للسبق واللحوق المكانيين فإنهما من خواص الأجسام فإنها التي يعرضها مقولة الكون الأيني فيوصف