تحققت هذه الشرائط حدث وجوب القصر وبقي على حاله، ومتى لم تتحقق فإن لم يتحقق ما هو شرط حدوثه كقصد الثمانية لم يحدث الوجوب، وإن لم يبق بحصول العزم على الرجوع، أو التردد في ذهابه وإيابه ارتفع وجوب القصر، فيجب الاتمام حال العزم على الرجوع، وحال التردد مع انحفاظ وحدة السفر كما مر، وإذا عاد العزم على الذهاب تحقق شرط بقاء الحكم بالقصر لما مر سابقا من أن استمرار القصد المشروط به بقاء الحكم بالقصر ليس استمرارا حقيقيا، بل المقصود أن يكون قاصدا لما قصده أولا، وإلا فليس القصد في كل زمان شرطا لبقاء الحكم في زمان آخر حتى يكون وجوب القصر فيما بعد التردد فاقدا لشرطه، بل وجوب القصر في كل زمان مشروط بقصد الثمانية المقصودة أولا في ذلك الزمان لا قبله ولا بعده.
والمفروض أنه بعد زوال التردد قاصد لقطع تلك الثمانية كما فيما لم يحصل له التردد وما ذكرنا ليس من باب شرطية قصد الثمانية في حال السير وعدم شرطيته في جميع أكوان المسافر، بل نقول لسانه شرط في جميع أكوان المسافر، إلا أنه شرط لبقاء الحكم في ذلك الزمان، ولذا يجب القصر على المسافر في حال سكونه إذا كان قاصدا لقطع ثمانية فراسخ، دون من لم يكن قاصدا بل مترددا، وشرطية العزم في الكون السابق للقصر في اللاحق لا دليل عليه أصلا. وعليه فلا مانع من ضم ما بعد التردد إلى ما قبله.
وتوهم: أن وجوب الاتمام على المتردد إذا كان باقيا على سفره كان تخصيصا لدليل القصر على المسافر، وبأصالة عدم التخصيص يستكشف عدم كونه مسافرا.
مدفوع: أولا: بأن كونه مسافرا عرفا مما لا شك فيه، وعدم كونه واجدا لشرط القصر أيضا لا شك فيه، ولا عموم ولا إطلاق بعد التقييد بالشرائط المعتبرة في وجوب القصر على المسافر عرفا بحيث يشمل حال التردد، حتى يكون إيجاب الاتمام على المتردد تخصيصا في دليل وجوب القصر.
وثانيا: قد حقق في محله بأن أصالة عدم التخصيص لا يشخص إن زيدا الذي نهي عن إكرامه هو زيد الجاهل دون زيد العالم، فراجع باب العام والخاص من الأصول.