بالمسافة الواقعية.
وعليه فحيث إن المفروض في التابع إناطة قصده بقصد متبوعه واقعا فإذا كانت المسافة مقصودة للمتبوع تفصيلا أو اجمالا كانت مقصودة للتابع إجمالا، والمفروض كفاية قصد المسافة الواقعية إجمالا في المتبوع فليكن كذلك في التابع لتعين الواقع وتعلق القصد به. وربما ينتقض بطالب الغريم وطالب الآبق كما في الجواهر (1).
وتقريبه: إن طالب الغريم يقصد اللحوق به في محله. فإذا فرض أن الغريم في رأس ثمانية فراسخ مثلا واقعا فقد تعلق قصده بقطع ثمانية فراسخ واقعا مع أنه لا قصر نصا وفتوى. فيعلم منه عدم كفاية قصد المسافة الواقعية إجمالا بهذا النحو.
ويندفع بأن الفارق بين ما نحن فيه وطالب الغريم هو أن الطالب للغريم ليس له قصد المسافة الواقعية منجزا وعلى أي تقدير بل من عزمه بطبعه أنه متى وجده رجع. ولذا لو عين مكانه تفصيلا لكنه عزم على الرجوع إذا صادفه في طريقه لم يكن عزمه على قطع المسافة منجزا. فكيف إذا تعين المقصد واقعا بخلاف ما نحن فيه فإنه قاصد عين ما قصده متبوعه منجزا من دون تعليق وتقدير، غاية الأمر أنه لم يعلم بما قصده وبمقصده فيكون كما إذا عين المقصد ولم يعلم أنه مسافة شرعية أم لا.
فإن قلت: أليس من المحتملات في حق المتبوع العزم على الرجوع في الأثناء منجزا أو معلقا، فلا محالة يكون التابع قاصدا للرجوع إذا رجع متبوعه، أو قصد رجوعه فيكون عزم التابع تقديريا، ولا يخرج العزم التقديري عن التقديرية بعدم حصول المعلق عليه واقعا، فحال قصد التابع حال قصد طالب الغريم والآبق؟
قلت: حيث إن المفروض تمحض قصد التابع في التبعية فلا يعقل استقلاله وتفرده بقصد أمر لم يقصده المتبوع. وعليه فمقتضى قصد التبعية إنه إذا كان المتبوع قاصدا للمسافة منجزا، كان التابع كذلك فيجب عليهما القصر واقعا. وإذا كان قاصدا لما دون المسافة أو للمسافة معلقا كان التابع كذلك، فلا يجب عليهما القصر