ذلك فيتمادى به المضي حتى يمضي ثمانية فراسخ كيف يصنع في صلاته؟ قال:
يقصر ولا يتم الصلاة حتى يرجع إلى منزله " وظاهرها إن تكليفه بعد بلوغ الثمانية القصر من حينه إلى أن يرجع. لا من حين رجوعه، لعدم مناسبته لجعل الرجوع غاية، ولازمه القصر في ذلك الموضوع وفي ذهابه وفي إيابه.
وأما الموثقة الأخرى فهي هكذا: " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ فيأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك، ثم ينزل في ذلك الموضع، قال: (عليه السلام) لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة " (1). والرواية وإن تضمنت حكم سير الأول والثاني باتمام الصلاة فيها كما اعترف به المحدث، إلا أن من حيث تعليق كونه مسافرا على قطع ثمانية فراسخ يدعي أنه بقطعه هذه المسافة صار مسافرا بملاحظة ما في الموثقة المتقدمة الآمرة بالتقصير من حينه لا من حين الرجوع.
والجواب عن الموثقة الأولى إن قطع المسافة التي تمادى به السير ليس بنفسه من موجبات القصر، بل من حيث إنه قاصد للرجوع، والمسافة ثمانية. وظاهر السؤال إنه تمادى به السير وانتهى إلى ذلك المحل، فما بعده مسافة الرجوع وهو سفر شرعي ابتدائي، يعتبر فيه كل ما يعتبر في المسافرة شرعا من الخروج عن حد الترخص، ومن عدم التلفيق بذهاب أقل من أربعة فراسخ فلا مجال للاطلاق أو جعل مبدأ التقصير حال بلوغ الثمانية، بل مبدأه الرجوع والأخذ فيه إلى أن يصل إلى منزله، فليس المراد من قوله: " حتى يرجع "، حتى يأخذ في الرجوع، حتى ينافيه جعله غاية، لوضوح أن الحكم ينتهي بحصول الغاية، بل المراد من الرجوع الوصول إلى المنزل، فلا يأبى عن كون مبدأ الأخذ في العود.
ومنه تبين حال الموثقة الثانية فإن السؤال فيها حيث كان عن حال ما صدر من السير الأول والثاني، لا من تكليفه فعلا كما هو كذلك في الموثقة الأولى فلا محالة