ومبنى المسألة على أن القصرية والتمامية منوعة لطبيعة الصلاة وأن القصر والتمام نوعان متبائنان فتجب نية القصر والاتمام في محلها، ولا يجوز العدول عن أحدهما إلى الآخر إلا بدليل، أو هما نوع واحد، فإن سلم على الركعتين وقع قصرا، وإن سلم على الأربع وقع تماما، ومسألة تخلف الداعي من الثاني دون الأولى، فإنه أجنبي عنه وعن الخطأ في التطبيق، ومدار تعدد النوع ووحدته ليس على اندراجهما تحت طبيعي جامع وعدمه، بل على تعددهما بحدودهما الواقعة في حيز الخطاب أو تعددهما بالعنوان المأمور به وعدم تعددهما من كلتا الجهتين.
بيانه: أن الأمر لا يدعو إلا إلى ما تعلق به والمتعلق تارة معنون بعنوان قصدي تفصيلي كعنوان التعظيم والسخرية، فإذا أمر المولى بالانحناء لزيد تعظيما، ولعمرو سخرية، فاشتبه على المأمور أن المأمور بتعظيمه زيد أو عمرو، وكذا المأمور بسخريته فانحنى على ما أراده المولى منه لا يقع منه تعظيم ولا سخرية. وأخرى معنون بعنوان يتحقق بالقصد إليه تفصيلا واجمالا كعنوان الظهرية والعصرية فإنهما كما يتحققان بقصدهما تفصيلا كذلك إذا قصد ما تعلق به الأمر أولا، وما تعلق به الأمر ثانيا، بل استكشفنا من صحة العدول من العصر إلى الظهر أن عنوان الظهرية كما يتعنون بها الفعل من الأول كذلك يتعنون بها بالبناء عليها في الأثناء في خصوص صورة النسيان، وثالثة يتعدد متعلق الأمر بما له من الحد كالصلاة التي يسلم فيها على الركعتين، والصلاة التي يسلم فيها على الأربع بداهة مبائنة الماهية بشرط لا، والاقتصار على الركعتين والماهية بشرط شئ وزيادة الركعتين عليهما وليست القصرية والتمامية إلا كون الصلاة محدودة تارة بحد، وأخرى بحد آخر شرعا، مضافا إلى اختلاف آثارهما الكاشف عن اختلافهما بنوع من الاعتبار شرعا. وعليه فلا أمر بالمشترك بين الحدين حتى يدعو الأمر إلى المشترك، وتعينه بإضافة الركعتين تارة، وعدم الإضافة أخرى. ومع دعوة الأمر بأحد الحدين، لا يمكن إتيان الآخر تتميما لما أتى به بداعي أمره المحدد لما يدعو إليه الأمر الآخر، عليه ينطبق ما قيل: " إن كل ما يتعين في العمل، يتعين في النية، وما لا يتعين في العمل، لا يتعين في النية " فإن التسليم على الركعتين، ويتعين في مقام العمل على طبق الأمر بالقصر فيتعين في مقام