مختلفة فتارة يقال إن الخروج من المنزل مطلق من حيث سماع الأذان وعدمه فيقيد بعدمه، وأخرى أن الخروج من المنزل بلحاظ البعد عنه، له مراتب والشارع بمقتضى أخبار الحد جعل مرتبة من الخروج مسوغة للقصر، ولا يجري شئ منهما في طرف الدخول في المنزل، إذ لا يعقل إطلاق فيه من حيث سماع الأذان وعدمه، وليس الدخول في المنزل كالخروج منه ذا مراتب حتى يحمل على مرتبة من الدخول بحيث يساوق الحدين، وثالثة يتصرف في الخروج من المنزل بالتوسعة في المنزل كما أشرنا إليه أن من لم يكن متواريا من البيوت فهو كالحاضر فيها وغير غائب عنها، وحينئذ يجري هذا التصرف في طرف الدخول أيضا فإن الداخل في حد الترخص كأنه دخل في منزله وغير غائب عنه فيمكن الجمع بين أخبار التحديد وهذه الأخبار المغياة بالدخول في المنزل فقط، وأما سائر الأخبار فغير قابلة هذا التوجيه.
منها: صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال (عليه السلام): " إن أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا " (1) فإن الشرطية الثانية في حد ذاتها وإن كانت مطلقة من حيث سماع الأذان فيمكن تقييدها بما إذا لم يسمعوا الأذان، لكن بملاحظة مقابلتها للشرطية الأولى المفروضة في صورة زيارة البيت التي هي كالمقسم للشرطيتين، لا إطلاق لها حتى يعقل التقييد. وحينئذ لا يعقل التوجيه المتقدم والتوسعة في المنزل، كيف والمفروض دخول مكة وزيارة البيت.
ومنها: رواية علي بن رئاب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة وله بالكوفة دار وعيال فيخرج فيمر بالكوفة وهو يريد مكة ليتجهز منها وليس من رأيه أن يقيم أكثر من يوم أو يومين قال (عليه السلام):
يقيم في جانب الكوفة ويقصر حتى يفرغ من جهازه، وإن هو دخل منزله فليتم الصلاة " (2) وبمضمونها موثقة ابن بكير (3).