أنشأه من وطنه عرفا فلا معنى لتنزيل قوله يريد السفر على إرادة إنشاء السفر الأعم من كونه سفرا إنشائيا حقيقة وسفرا إنشائيا تنزيلا وشرعا ومنه تبين حال قوله (عليه السلام): " إذا سمع الأذان أتم المسافر " (1) فإنه لا شك في أن المراد من أنشأ السفر لا أن المسافر ولو بقاء إذا سمع الأذان يتم إلا أن المنسوب إلى الأكثر حيث إنه الحاق محل الإقامة ومحل التردد بالمنزل فالاحتياط لا ينبغي تركه.
وعن بعض أجلة العصر تسليم الاطلاق، لكنه ادعى عدم مقاومته لاطلاق أدلة وجوب القصر على المسافر مع كون الأول أخص من الثاني نظرا إلى أن ظهور هذا المطلق في شمول المقيم أضعف من ظهور (2) إطلاق أدلة القصر في شمول للمقيم.
والميزان في التقديم أقوائية أحد الظهورين لا العموم والخصوص. ثم ادعى حكومة أدلة اعتبار حد الترخص على أدلة القصر فلا تلاحظ الأقوائية. ونظره (رحمه الله) في الحكومة كما صرح به إن قوله: " متى يقصر " (3) وقوله: " سألته عن التقصير " (4) ناظر إلى أدلة وجوب التقصير على المسافر.
أقول: أما دعوى أضعفية ظهور أدلة حد الترخص في الشمول للمقيم من ظهور أدلة القصر في شمولها له فلا موجب له أصلا، إذ كما أن قوله: " يريد السفر " (5) ظهوره في السفر من منزله، أقوى من ظهوره فيما يعم محل إقامته، كذلك ظهور قوله " المسافر يقصر " (6) الشامل لمن بلغ حد الترخص ومن لم يبلغه وللمسافر من منزله أو محل إقامته، فإن ظهوره في المسافر البالغ حد الترخص عن منزله أو محل إقامته أقوى من ظهوره في الأعم من البالغ وغيره، وإنما لا يتفاوت ظهوره في من خروج عن وطنه أو عن محل إقامته في أصل القصر لا من حيث بلوغهما لحد الترخص وعدمه