كذلك بالأولوية القطعية أما فعل الصحابة فلا حجية له، وأما الأولوية فمدفوعة بأن الوطن الشرعي كان متقوما حدوثا بالملك والإقامة فيه ستة أشهر، والإقامة تنقضي بانقضاء مدتها وأثر الوطنية بعد انقضائها، فبقاء الوطنية منوط ببقاء موجبها وليس هو إلا الملك فإنه القابل للبقاء بخلاف الوطن الأصلي فإن تقومه لم يكن عند تحققه بالملك، فليس بقائه إلا بعدم الهجر والاعراض، فمع الهجر لا أثر لبقاء الملك، كما لم يكن أثر لحدوثه، فكونه علة مبقية للوطنية يحتاج إلى دليل، فلا مساواة فضلا عن الأولوية القطعية، والمسألة إن لم تكن إجماعية لا بد فيها من الاحتياط.
ومنها: إن الوطن المستجد والاتخاذي، لا شبهة في أن حكم الوطن الأصلي في وجوب الاتمام، وفي انقطاع السفر بالوصول إليه، إما لشمول أخبار الاستيطان الظاهر في اتخاذ محل مقرا دائما له، وإما لشمول أخبار من خرج من منزله وبلده و أهله بأنه كما يكون كذلك أصليا كذلك يكون اتخاذيا، ومورد أخبار الاستيطان وإن كان أثناء المسافرة من محله إلا أنه مورد لا مقوم للاستيطان فدعوى أن هذه الأخبار أجنبية عن اتخاذ محل دارا لإقامته غير مسموعة.
نعم إن فسرت هذه الأخبار بالاستيطان الشرعي سقطت عن الدلالة على حكم الاستيطان العرفي.
وأما اعتبار الملك فيه، واعتبار إقامة ستة أشهر في محل الاتخاذ، فتوضيح القول فيها: أما اعتبار الملك فليس له موجب شرعا، كما لا موجب له عرفا حيث إن مفهوم الاستيطان غير متقوم بملكية ما يتخذه مقرا دائميا، خصوصا مع أن المتعارف اتخاذ البلد مقرا دائميا له وأخبار الاستيطان وإن كان موردها غالبا للملك، إلا أنه لم يعلم منها أن الملك مقوم له شرعا بل ظاهر قوله (عليه السلام): " كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل " (1) إن العبرة بكون المحل منزلا له وهو متقوم بالاستيطان واتخاذ المنزل مقرا دائميا حتى يكون منزلا له ليكون حضوره فيه حضور