أحدهما: ذيل صحيحة ابن سنان (1) المتكفل لحكم الدخول في البلد بعد بيان حكم الخروج منه، والتسوية بين الخروج والدخول في اعتبار حد الترخص.
وثانيهما: عموم المنزلة المستفادة من قوله (عليه السلام): " من قدم مكة بعشرة أيام قبل التروية فهو منزلة أهلها " (2)، فكما أن أهلها إذا دخلوا حد الترخص يجب عليهم الاتمام كذلك ناوي الإقامة بها.
والظاهر عدم تمامية الدليلين، أما الأول فإن المراد من قوله (عليه السلام):
" وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك " (3) هو القدوم العودي لا مطلق القدوم حتى يعم القدوم البدئي ولذا قلنا سابقا إنه لا إطلاق لصدر الصحيحة فإن القدوم العودي يختص بأهل البلد، فصدرها متكفل لحكم المسافر من بلده لا الأعم منه ومن المسافر من محل إقامته.
والعجب من بعض أجلة العصر (رحمه الله) حيث استدل باطلاق صدرها للمقيم الخارج واستظهر عدم إطلاق ذيلها.
وأما الثاني فالجواب عنه يتوقف على مقدمة هي أن حدود البلد على قسمين:
حد عرفي وهو ما كان من توابع البلد عرفا بحيث يعد الدخول فيه دخولا في البلد عرفا، والخروج عنه خروجا عن البلد عرفا. وحد شرعي وهو حد الترخص بحيث يكون الدخول فيه حضورا في البلد شرعا والخروج عنه غيبة عن البلد ومساوقا للسفر شرعا. ومن البين أن أدلة اعتبار حد الترخص قسم منها لا دلالة له إلا على شرطية التجاوز عن الحد لوجوب القصر فقط كقوله (عليه السلام): " وإذا لم يسمع الأذان قصر " (4) من دون دلالة على التنزيل المزبور. وقسم منها يمكن استفادة التنزيل منه كقوله (عليه السلام): " إذا توارى عن البيوت " (5) بناء على إرادة الغيبة عن البلد