الأذان، أو الهواء مظلما يمنع عن رؤية الجدران فالملازمة بينهما مع اتحاد المرتبة محفوظة إلا أن فعلية أحدهما دون الآخر لعارض وقد اتفقت الكلمة على أنه لا عبرة بالعوارض، بل يقدر الهواء معتدلا وقوة السامعة والباصرة على حد التوسط.
ومما ذكرنا يتضح أنه لا بد من ملاحظة المعرفين في مرتبة واحدة كسماع الأذان متميزة الفصول مع رؤية البيوت متميزة الخصوصيات، أو سماع الأذن بما هو صوت عال ورؤية البيوت بما هي بيوت لا بخصوصياتها وهكذا في باقي المراتب كما أن اللازم ملاحظة المتساويين في المرتبة بنفسهما مع قطع النظر عن العوارض الغير المنافية لتلازمها المبني على التقدير. فتبين أن دعوى أن أمارية كل منهما غالبية أو الملازمة بين الأمارتين غالبية، غفلة واضحة فإنه إما لا ملازمة أو هي دائمية، كما أن دعوى الاعتبار بكل منهما مع عدم العلم بتخلف الآخر، وأنه مع العلم لا بد من اجتماعهما أيضا، بلا وجه، إذا لا يعقل مع التساوي في المرتبة وعدم ملاحظة العوارض، علم بالمخالفة أو شك فيها.
نعم حيث إن كل مرتبة ملازمة لبعد خاص. يقع الكلام في أن أية مرتبة من المراتب جعلت معرفة للبعد اللازم شرعا؟ فإن استظهرنا مرتبة خاصة من الأخبار فهو، كما لا يبعد أن يكون المراد من سماع الأذان سماعه بما هو صوت عال، وأن يكون المراد من رؤية البيوت رؤيتها بما هي بيوت لا بما هي أشباح، ولا بما هي متميزة الخصوصيات، وهاتان المرتبتان متحاذيتان، وإن منع الاستظهار المزبور فمرجع الشك دائما إلى الشك في أنه أي مرتبة من البعد شرطا، واقعا، فالأقل منه متيقن والباقي مشكوك. فإن كان هناك إطلاق كقوله تعالى: " وإذا ضربتم في الأرض " (1) وقوله تعالى: " وإن كان على سفر " (2) أو ما في الروايات، صح التمسك باطلاقها لدفع الشك في التقييد الزائد، وإن منع الاطلاق كان المرجع استصحاب بقائه على ما كان من الحضور وعدم السفر إن كان الموضوع مشكوكا