عمروا فقد وصل إليه نصف حقه، ولا يسوغ عند العقل اهمال الحق رأسا بمجرد عدم امكان ايصاله بتمامه.
ثم إن هذا البيان إنما يتم في مثل التداعي بالنسبة إلى عين واحدة، وأما فيما نحن فيه الدائر أمره في الزائد عما اتفق عليه المقومان بين الاستحقاق وعدم الاستحقاق، لا استحقاق المشتري واستحقاق البائع فلا مجال للتنصيف من باب الجمع بين الحقين لعدم الموضوع كما عرفت.
نعم بناء على سببية البينة ينبغي القول بسببية بينة الأكثر، فإن مدلول بينة الأقل وإن كان نفي الزائد إلا أنه لا معنى لسببية بينة الأقل لاعتبار عدم ملكية الزائد، وعدم اعتبار ملكية شئ بعدم السبب لا بسبب العدم، فإن العدم لا شئ حتى يتوقف على سبب، وعدم القبول بتقديم بينة الأكثر مع أنها سبب لا مزاحم له في التأثير لعله من جهة عدم القول بالسببية، فتدبر جيدا.
ثم إن هنا وجها آخر للسببية - ولعل كلام المصنف العلامة (رحمه الله) وغيره من الأعلام (رحمهم الله) مبني عليه - وهو أن قيام البينة ليس سببا لاعتبار الملكية والحقية حتى يرد المحذور المتقدم، بل سبب لوجوب ترتيب أثر الملك والحق عملا، ففي مورد البينتين معا مصلحة مقتضية لترتيب الأثر، وتأثير المقتضيين معا محال، لعدم امكان ترتيب الأثر على ملكية العين بتمامها لكل منهما، فيجب إما طرح المقتضيين معا، وهو مع امكان التأثير في الجملة بلا موجب، أو طرح أحدهما رأسا واعمال الآخر وهو بلا مرجح، أو التخيير وهو في حقوق الناس باطل، فإن معناه التخيير بين أداء الحق إلى مستحقه وإلى غير مستحقه، بخلاف الالتزام بترتيب الأثر على كل منهما بمقدار متساوي النسبة إلى البينتين وهو التنصيف، ومدلول كل منهما وإن كان ترتيب الأثر على ملكية كل جزء جزء من أجزاء العين الواحدة ووجود المقتضي في الأجزاء المعينة، إلا أن التخيير بين أداء هذا النصف المعين إلى زيد والآخر إلى عمرو أو العكس بحكم العقل فيكون التخيير في النصف كالتخيير في الكل بناء على جوازه.
ومنه تبين أن العمل بالبينتين في باب التقويم بالتنصيف أيضا لا مانع منه، إذ