للأرش المستوعب حينئذ لا قبل وقوع أحد الأمور المزبورة ولا بعده، إلا أن كلمات العلامة في سائر كتبه غير قابلة لما احتمله، بل استظهره جامع المقاصد.
ويمكن أن يقال: إن بيع الجاني إذا كان خطأ التزام من البائع بالدية، حيث إن الخيار له من حيث دفعه إلى المجني عليه ليسترقه والالتزام بقيمته، فبيعه اختيار منه للدية، ومع ضمانه للدية لا ضرر على المشتري حتى يرجع إلى البائع بشئ.
وإذا كانت الجناية عمدية فالخيار للمجني عليه أو وليه فإجازته للبيع التزام منه بقبول الدية، وحينئذ فإن رجع المجني عليه على المشتري بالدية فللمشتري الجاهل الرجوع بها على البائع، إلا أنها أرش الجناية لا أرش خيار العيب، فلا ربط له بالأرش المستوعب.
مضافا إلى ما ذكره العلامة (رحمه الله) قبل هذه العبارة تفريعا على إجازة المجني عليه بقوله (رحمه الله) (ويضمن الأقل من الأرش والقيمة لا الثمن معها - أي مع الإجازة -، وإذا كان ضمان البائع مانعا عن خيار المشتري في الخطأ فكذا في العمد) (1) فيعلم منه أن الخيار المذكور بعده لا ينافي ضمان البائع للدية، فيصح حينئذ أن ينسب إليه الأرش المستوعب ولو لم يرجع المجني عليه إلى المشتري، بدعوى أن الجناية الموجبة للدية المستوعبة للقيمة عيب مستوعب، وأرشه تمام ما يوازي ثمنه، سواء رجع المجني عليه إلى البائع أو إلى المشتري، فإن الرجوع بما أدى رجوع بأرش الجناية، بل لو أداه بلا إجازة من البائع كان كقضاء الدين بلا إذن المديون.
وأما الفرق بين الخطأ والعمد فهو أن الاختيار في الأول بيد البائع فيصح أن يجعل البيع اختيارا لأحد الأمرين، فيتعين عليه الفداء، وأما الثاني فالاختيار فيه بيد المجني عليه أو وليه، وإجازته انفاذ للبيع ورضا بالمال، وهذا غير موجب لضمان البائع.
وقوله: (ويضمن... الخ) معناه أنه لا يجب عليه عند الرجوع إليه إلا أقل الأمرين دون ثمن المبيع، فللمجني عليه من حيث تعلق حقه بعين الرقبة الرجوع إلى كل من