الجاني لم يخرج بذلك عن الملك ولم يدخل فعلا في ملك المجني عليه، حتى يكون من قبيل تلف الملكية، بل مجرد استحقاق المجني عليه للتملك فيكون كاستحقاق الشريك لتملك حصة شريكه من المشتري، غاية الأمر أنه هناك بالعوض وهنا مجانا، فمجرد استحقاق التملك وحق اتلاف ملكية المشتري وازالتها ليس من تلف المبيع لا ذاتا ولا مالية ولا ملكية فلا انفساخ ولا خيار.
نعم ربما يتخيل خيار التعذر فيه بملاحظة استحقاق المجني عليه اقباضه من البائع.
ويندفع: بأن مجرد الاستحقاق لا يوجب اقباض الجاني حتى يمتنع اقباضه للمشتري شرعا، بل بالاسترقاق يصير ملكا للمجني عليه، فيجب اقباضه.
وأما الحكم بالقصاص كما في قتل العمد فانفساخ العقد بملاحظة أن استحقاق المجني عليه للقصاص يوجب سقوطه عن المالية، بل عن الملكية، أما سقوطه عن المالية فإنه مع استحقاق القصاص لا يبذل بإزائه مال مع عدم نفع معتد به، وأما سقوطه عن الملكية فإن اعتبارها للمشتري مع عدم المالية وعدم نفع معتد به لغو، والتحقيق أن جواز القصاص ليس إلا جواز اعدام المال، لا أنه هدر للمالية كالحكم بهدر مالية الخمر والخنزير، ومنه تبين عدم زوال الملكية.
وأما الحكم بدية كاملة فكونه من تلف المبيع ليس إلا بتوهم استحقاق مالية الجاني للمجني عليه، وأنت خبير بأن استحقاق أرش الجناية استحقاق ما يوازي مالية الجاني، لا استحقاق شخص ماليته، فلم يخرج الجاني عن المالية ولا عن الملكية ولو بالنسبة إلى المولى، هذا كله في التلف بلحاظ الأحكام المزبورة.
وأما بالإضافة إلى نفس الاسترقاق أو القصاص أو استيفاء الدية المستوعبة لقيمة الجاني فنقول: أما الاسترقاق فهو داخل في القاعدة بملاحظة أنه لم يبق ما يقبض وأنه لا يرتفع ضمانه إلا بالقبض، لا أن التملك - بما هو موجب للانفساخ لكونه مزيلا للملكية - فيدخل في تلف الملكية المسلم كونه موجبا للانفساخ، أما التملك فهو موجود في التملك بالشفعة، مع أنه لا يوجب الانفساخ، ومنه تعرف أن زوال