تعين الأرش فيهما بمعنى وقوع غيرهما أرشا حقيقة مع التراضي، لا أن غير النقدين بدل عن الأرش حتى لا يصح البدل حيث لا يصح المبدل كما في الصرف، توضيح ذلك أن المالية لها اعتبارات ثلاثة:
أحدها: اعتبار المالية بشرط عدم الخصوصية التي تتفاوت بها الرغبات، ولا مطابق لها إلا النقد لتمحضه في المالية، لعدم اقترانه بمثل تلك الخصوصية.
ثانيها: اعتبار المالية بشرط الخصوصية إما معينا أو بدليا.
ثالثها: اعتبار المالية لا بشرط وجود خصوصية ولا بشرط عدمها.
فإن اعتبرت المالية على الوجه الأول فلا يستحق من له الحق إلا النقد الفاقد لكل خصوصية، كما لا يستحق من عليه الحق الالزام بما فيه خصوصية، لعدم مطابقة (1) بشرط شئ لما هو بشرط لا، وإن اعتبرت المالية على الوجه الثاني فلا محالة يستحق من له الحق ما فيه خصوصية معينة، أو ما فيه خصوصية مطلقا، ويتخير من عليه الحق في أداء أية خصوصية كانت على الأخير، وإن اعتبرت المالية على الوجه الثالث فلا يستحق من له الحق مطالبة خصوصية من الخصوصيات، لفرض عدم التقيد بخصوصية لا تعينيا ولا بدليا، ويستحق من عليه الحق أن يؤدي الفاقد لكل خصوصية كالنقد، وأن يؤدي الواجد لأية خصوصية، لفرض عدم تقيد المال بعدمها.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن الفرق بين سائر الغرامات وبين الغرامة الأرشية من وجهين:
أحدهما: أن سائر الغرامات المالية تشتغل بها الذمة، لتعلق الاعتبار الحقي بنفس المال، ولا وعاء له بعد الخارج إلا الذمة، ولا بد كما عرفت من تعينه في الذمة بأحد التعينات الثلاثة، والمعروف فيها هو التعين الأول أعني المال بشرط لا، وهو كما عرفت منحصر في النقد.
ووجه تعين هذا الاعتبار الخاص في الغرامات الغير الأرشية هو أنه إذا تلف قيمي